فسبحان من لطف بعباده، بما جعل لهم من النار في بلاده، تخويفا وترهيبا، ومنافع وتقوية وترغيبا، {ليهلك من هلك عن بينة ويحيى من حي عن بينة وإن الله لسميع عليم} [الأنفال: 42]، ثم قال: {من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها ومن جاء بالسيئة فلا يجزى إلا مثلها وهم لا يظلمون} [الأنعام: 160]، وقال: {فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره} [الزلزلة: 7]، فجعلها لهم في الدنيا مزجرة، وتخويفا وتحذيرا من نار الآخرة، مع مالهم فيها في دار الدنيا، من المنافع التي لا تحصى، والمرافق الجمة التي لا تستقصى، بها يطبخون ويخبزون، وبها من القر(1)يحترسون، وبها في ظلمات الليل(2) يبصرون، وبها ينالون من الحديد ما ينالون؛ من تصريفه في أسبابهم، وتقويمه لمعاشهم، من أدوات حرثهم وحفرهم، وغير ذلك من منافعهم، وبها مايعدون لأعداء الله من السلاح (3)، من السيوف والدروع [وغير ذلك من السلاح] (4) التي تقيهم بأسهم، كما قال سبحانه: {وعلمناه صنعة لبوس لكم لتحصنكم من بأسكم} [الأنبياء: 80].
ألا ترى وتسمع كيف قال رب العالمين، حين يذكر ويذكر بآلائه (5) عباده المتقين، فقال: {أفرأيتم النار التي تورون أأنتم أنشأتم شجرتها أم نحن المنشئون نحن جعلناها تذكرة ومتاعا للمقوين} [الواقعة: 71]، فجعلها الله الواحد الأعلى، منفعة في الدنيا للخلق طرا، ونكالا في الآخرة لمن استأهلها لا يفنى(6).
পৃষ্ঠা ৩০১