وكما شاء سبحانه أن يفترض على أمة موسى من الفرائض المشددة، والأمور المؤكدة، فافترض ذلك عليهم، ولم يرض منهم بسواه. من ذلك ما حرم عليهم من المأكل من الشحوم اللذيذة وغيرها، وما حظر عليهم من صيد البحر في يوم سبتهم، حتى كانت الحيتان يوم السبت تأتيهم وتظهر لهم، وتكثر عندهم وتشرع قريبا منهم؛ امتحانا من الله لهم، فكانوا لله في تركها مطيعين، وكانوا عنده على ذلك مكرمين، ثم عتوا من بعد ذلك وفسقوا، وخالفوا فتصيدوا، فأخذهم الله بذنوبهم، فجعل منم القردة والخنازير، فقال سبحانه في ذلك: {واسألهم عن القرية التي كانت حاضرة البحر إذ يعدون في السبت إذ تأتيهم حيتانهم يوم سبتهم شرعا ويوم لا يسبتون لا تأتيهم كذلك نبلوهم بما كانوا يفسقون} [الأعراف: 163].
ثم أراد الله التخفيف عن عباده؛ فبعث فيهم عيسى صلى الله عليه، فأحل لهم بعض ما قد كان حرم عليهم. قال الله تعالى يخبر عما جاء به عيسى وقاله، مما أمره الله به جل جلاله، حين يقول: {ولأحل لكم بعض الذي حرم عليكم وجئتكم بآية من ربكم فاتقوا الله وأطيعون إن الله ربي وربكم فاعبدوه هذا صراط مستقيم} [آل عمران: 50].
ثم أراد التخفيف عنهم، والنقل لهم إلى أفضل الأديان، إلى دين أبيهم إبراهيم، الأواه الحليم، فبعث محمدا صلى الله عليه وعلى أله بذلك، فصدع بأمر ربه، وأنفذ ما أرسل به.
فكان(1) ذلك إرادة من بعد إرادة، ومتعبدا من بعد متعبد، فصرف (2) الله فيه العباد، فتبارك الله ذو العزة والأياد(3).
পৃষ্ঠা ২৯৫