قيل له: لعجز حواسك وعقلك عن درك(1) معبودك جل جلاله بالتحديد، صح له سبحانه ما أنكرت من التوحيد، لأن حواسك وعقلك أدوات مجعولات، مركبات على درك المخلوقات مثلهن، المصورات بالخلق كتصويرهن، فأما ما لم يكن لهن مشابها، ولا لمعانيهن مشاكلا، وكان عن ذلك متعاليا، ولم يكن له حد ينال، ولا شبه تضرب له به الأمثال؛ فلا يدرك جل جلاله بهن، ولا تدرك معرفته بشيء منهن، ولا يستدل عليه إلا بما دل به على نفسه، من أنه هو، وأنه القائم بذاته.
فلما صح عند ذوي العقول والتبيان، وثبت عند(2) كل ذي فهم وبيان، أن الحواس المخلوقة، والألباب المجعولة؛ لا تقع إلا على مثلها، ولا تلحق إلا بشكلها، ولا تحد إلا نظيرها، صحت له سبحانه لما عجزت عن درك تحديده الوحدانية، وثبتت للممتنع عليها من ذلك(3) الربوبية، لأنه مخالف لها في كل معانيها ، وبائن عنها في كل أسبابها. ولو شاكلها في سبب من الأسباب؛ لوقع عليه ما يقع عليها من درك الألباب.
পৃষ্ঠা ২৪৮