ك عديد الحبوب في الأقواز
صفها السير في العراء فجاءت
فوق مثل الملاء مثل الطراز
حقا، لقد انتفضت القاهرة انتفاضة عنيفة، فتطاير عنها أهلها «تطاير الشعراء عن ظهر البعير إذا انتفض» وراحوا يطلبون المثوى ذات اليمين وذات الشمال، ولعل بينهم من لم يتخيروا المأوى، ولعل منهم من لا يعرفون الوجه، وإنما هم يهيمون هيمانا حتى يأذن الله لهم بالمستقر والمقام!
هذه - ولا ريب - حالة جد مؤلمة، وخاصة إذا كان هؤلاء النازحون ممن يجرون بأيديهم غلمانهم، أو يحملون على أكتافهم أطفالهم الصغار، ولا حول ولا قوة إلا بالله!
على أنه بقليل من التسامح، ويسير من التضحية يمكن إيواء كل هؤلاء الفارين، وإنالتهم المأمن ومعونة المحتاج إلى المعونة منهم، «والناجي يأخذ بيد أخيه».
هذه شدة عامة ينبغي أن تتظاهر على دفعها الأيدي عامة، فمن كان في بيته سعة فلا ضير عليه في أن يودي إليه من لا يجد المأوى، ومن كان في حالة فضل، فلا بأس عليه إذا رزق من فضل ماله بعض من لا يجد إلى القوت سبيلا، وإذا كان عدد هؤلاء كثيرا، فإن عدة سكان القرى واللاجئين من الموسرين أكثر كثيرا.
على أن ترك المعونة للمصادفات والحظوظ ليس من الحكمة في شيء، بل لا بد من الإعداد والتنظيم المحكم، فلا يتعذر المثوى على لاجئ، ولا يسرف الجوع على أحد من المهاجرين.
نعم، إن أهل الريف هذه السنين في بؤس ظاهر وفقر بين، على أنه لن يتكابد أعيانهم ومتوسطي الحال منهم أن يخرجوا لهؤلاء العائذين بالريف ما يمسك الرمق ويعصم الحياة، فإذا بسطت الحكومة ولو يسيرا من المعونة لهم أينما كانوا فقد هان الخطب، وكفيت البلاد الشرور الكبار.
وإذا كان لي ما أقترحه في هذا الباب، فإنني أرى التعجيل بفرض ضريبة على تجار الريف لا يعفى منها كبارهم ولا صغارهم، على أن ما يجيء من ذلك يرصد لتلك المعونة، فتجار الريف أصبحوا يجنون من الربح بفضل النازحين من الموسرين وأنصاف الموسرين، ما لم يكن يدخل منهم في الحسبان!
অজানা পৃষ্ঠা