1
ومن ذاهب إلى أنه مغص في الكلية، ومن حائر متردد لا يقطع برأي ولا يرجح شيئا!
وأطمئن إلى الرأي الثاني طوعا لما قيل: إنه لو كان ثمة التهاب في المصير، لظهر من أعراضه كيت وكيت، وشيء من ذلك لم يظهر البتة.
وتعالج على هذا أياما وهي لا تزداد إلا برحا وآلاما.
وفي ذات ليلة من ليالي آخر الشهر سوداء فاحمة قد اشتد بردها، وللريح عزيف يزعج ويروع، أسرني الطبيب بأن لا بد من نقلها في الحال إلى الحاضرة؛ لإدخالها المستشفى فالأمر حق خطير؛ إذ لم يبق عنده ما جد من الأعراض الحادة؛ أي شك في صحة الرأي الأول، وأقول له: أليس في نقلها في مثل هذه الساعة وهي على هذه الحال، وفي مثل هذا الجو وقطعها أكثر من اثني عشر كيلومترا مجازفة؟ فأجاب: لا شك أنها مجازفة خطيرة، ولكن مبيتها هنا أشد خطرا!
وماذا عسى أن أصنع يا رب غير أن أطيع، ولله الأمر من قبل ومن بعد.
وأعد الذاهبون بها والذاهبات من الأهل عدتهم وجهزوا متاعهم ولم يبق إلا أن تحمل الفتاة المعذبة المذعورة إلى السيارة.
وحين أذن المؤذن بالرحيل، تغايرت في نفسي فنون من أعنف العواطف، منها ما ينطف رقة ورحمة ويترقرق جوى وإشفاقا، ومنها ما يشق الصدر من الأسى شقا، ويدق المنن من الجزع دقا، ومنها ما يتنظر لي بصور وأشباح تطير الألباب، وتمزق الفكر وتفقد الصواب أرسخ ذوي الصواب!
جمعت شملي وشددت على التحطم عزمي، حتى ثنيت على السرير صدري، وقبلتها قبلة التوديع للهول. ا.ه.»
وإنما يعني صاحبي تلك القبلة التي وصفها، أو التي عجز عن وصفها وقد قدمت هذا الوصف في صدر الحديث.
অজানা পৃষ্ঠা