Universas . إذ لم تكد تترجم للناس هذه العبارة التي ذكرها فورفوريوس
في مقدمة «إيساغوجي» وهي: «موضوع البحث هو: هل الأجناس والأنواع حقائق واقعة، أم هي مجرد تصورات ذهنية؟ فإن كانت حقائق فهل لها وجود خارجي مستقل عن الأشياء الحسية، أم هي كائنة في الأشياء الحسية نفسها؟» نقول إنه لم تكد تترجم هذه العبارة حتى انقسم في أمرها القوم فريقين متناظرين يذهب أحدهما إلى أن الأسماء الكلية التي نطلقها على الأجناس والأنواع كاسم إنسان واسم حيوان مثلا إن هي إلا مجرد ألفاظ وأسماء لا تمثل من الحقيقة شيئا، فليس لها مدلول واقعي لا في الذهن ولا في الخارج، ويرى هذا الفريق أن كل ما في الوجود جزئيات فقط، فهنالك مثلا من الناس زيد وعمرو، ولكن ليس هناك في العالم الخارجي «إنسان» كلي، وثمة في الواقع حصان جزئي وسمكة جزئية، ولكن ليس في الوجود حقيقة تقابل كلمة «حيوان»، وهكذا قل في سائر الأسماء الكلية التي تطلق على الأجناس والأنواع، ويسمى هذا بالمذهب الاسمي
Nominalism ، وأما الفريق الآخر فيرى أن الأسماء الكلية لها وجود حقيقي فعلي في الخارج، فهنالك في الوجود الحقيقي «إنسان» وهو غير زيد وعمرو وغيرهما من الجزئيات التي تقع تحت الحس. ويعرف هذا بالمذهب الواقعي
Realism .
وكان طبيعيا أن ينشأ بين النقيضين مذهب ثالث يقف منهما موقفا وسطا، فقام المذهب التصوري
Conceptualism
وعلى رأسه أبيلارد
Abelard
يقرر أن الكلي وإن كان ليس له ما يقابله في العالم الخارجي كما ذهب الواقعيون، إلا أن له حقيقة في الذهن؛ إذ لو كان الأمر كما رأى الاسميون من أن الاسم الكلي مجرد لفظة لا حقيقة لها في الخارج، ولا صورة لها في الذهن لكان الكلام الذي يتفاهم به الناس - ومعظمه أسماء كلية لجنس أو نوع - لغوا خاليا من المعنى لا يحمل إلى السامع شيئا.
ولعلك تلاحظ أن هاتين الشعبتين قد استمدتا أصل مذهبهما من أرسطو وأفلاطون؛ فمن مذهب أفلاطون في المثل أخذ الواقعيون ما ذهبوا إليه، ومن إنكار أرسطو للمثل استقى الاسميون تعاليمهم، وكانت الكنيسة أميل إلى المذهب الواقعي وطبقته على بعض تعاليمها كالتثليث.
অজানা পৃষ্ঠা