107

আধুনিক দর্শনের গল্প

قصة الفلسفة الحديثة

জনগুলি

صديقك المخلص

جون ستيوارت مل

فرفض «سبنسر» أن يقبل ما عرضه عليه «مل»، فانطلق هذا الأخير بين أصدقائه، وحمل كثيرا منهم على أن يشترك كل منهم في مائتين وخمسين نسخة، ولكن «سبنسر» رفض هذا أيضا، وحاولوا إقناعه فلم يقتنع، ثم جاءه خطاب من أستاذ في أمريكا يرسل له فيه مبلغا من المال، على أنه اشتراك طائفة من المعجبين به في أمريكا، فتقبله «سبنسر» وأقبل على العمل في عزيمة قوية، وظل يتابعه أربعين عاما حتى أكمل فلسفته كتابة وطباعة، فكان انتصارا أي انتصار من العقل والإرادة على العقبات الشائكة والأمراض المنهكة، وذلك وحده صفحة مجيدة في سجل البشر. (3) المبادئ الأولى (أ)

الحقيقة المغلقة

The Unknowable :

يقدم «سبنسر» بين يدي كتابه «المبادئ الأولى» قضية لا يرتاب في صدقها، هي أن كل دراسة تقصد إلى البحث في حقيقة الكون واستقصاء علته، لا بد أن تنتهي إلى مرحلة يقف حيالها العقل عاجزا لا يستطيع أن يدرك عندها من الحق شيئا، سواء سلك إلى ذلك سبيل الدين أو العلم أو ما شئت من سبل.

ابدأ بالدين وانظر كيف يعلل لك الكون، هذا ملحد يحاول بأن يقنعك بأن العالم وجد ذاته، لم ينشأ عن علة، وليس له بدء ولا ختام، فلا يسعك أن تقابل قوله هذا إلا بالجحود والإنكار؛ لأن العقل لا يسيغ معلولا بغير علة، وموجودا سار في الحياة شوطا لا بداية له. ثم استمع إلى هذا الناسك المتدين، ها هو ذا يقص عليك علة الكون وكيف نشأ، فخالق الكون عنده هو الله، ولكنه لم يفسر بهذا الرأي من المشكلة شيئا، ولم يزد على صاحبه سوى أن أرجعها خطوة إلى الوراء، وكأني بك تسائله في سذاجة الطفل: ومن أوجد الله؟ فالدين بصورتيه - الإيمان والإلحاد - لم يستطع أن يقدم تعليلا واضحا معقولا.

خذ العلوم فلعلك واجد عندها ما يشبع غلتك؟ سائل العلم ما هذه المادة التي أراها وألمسها، والتي تملأ جوانب الكون؟ تره يحلل لك المادة إلى ذرات، ثم إلى ذريرات أدق، ثم إلى أخريات أكثر منها دقة، ثم ماذا؟ هنا يقف العلم بين اثنين: فهو إما أن يعترف بأن المادة قابلة للتجزئة إلى ما لا نهاية له من الأجزاء، وليس من اليسير أن تسيغ هذا القول، وإما أن يقرر بأن ثمة حدا يقف عند التقسيم، وهو ما يستحيل عليك أن تقنع به، ثم سائل العلم عن القوة ما هي؟ فلست أحسبه يستطيع جوابا، وإذن فالعلم كذلك عاجز عن شرح حقائق الكون.

وأي غرابة فيما يصادف العقل البشري من إبهام لا يقوى على معرفته؟ إنه أعد لكي يفهم ظواهر الأشياء، ولا يعدوها إلى ما خفي وراء أستارها، ولكنا في الوقت نفسه لا نستطيع أن ننكر هذا الشعور الذي تضطرب به نفوسنا من أن وراء هذا الغشاء الظاهر حقيقة كامنة، حسب العقل أن يدرك وجودها، أما إذا هم نحوها بالتحليل والتعليل خر صريعا عاجزا.

وعلى هذا الأساس من وجهة النظر يصبح التوفيق بين العلم والدين هينا ميسورا، فليقصر العلم دائرة بحثه على ظواهر الأشياء دون أن يتورط في البحث عن حقائقها المستورة، له أن يتناول المادة تحليلا وتركيبا دون أن يبحث في ماهية المادة، وله أن يستنبط قوانين الحرارة والضوء والصوت وما إليها من القوة دون أن يعلم ماهية القوة؛ لأن هذه وتلك فوق مقدوره، وكل محاولة له في هذا السبيل ضرب من العبث، أما الدين فخير له أن يترك هذا العقل العنيد الذي لا يطمئن لغير الحجة المنطقية، خير له أن يترك هذا العقل، وأن يناشد العقيدة من الإنسان؛ لأن من طبعها ألا تلزم بالحجة العقلية، قل للعلم أن يكف عن إثبات الله أو إنكاره فليس اللاهوت ميدانه الذي يصول فيه ويجول، وقل للدين أن يكف عن مناشدة العقل؛ لأنه لا يستقيم مع نهجه في التفكير، ترى الدين والعلم أخوين متصافحين لكل منهما حلبة ومجال. (ب)

অজানা পৃষ্ঠা