قلت: تقرير الطريق الأولى إنما يتمشى في الأحكام لا في الماهيات(1) والذوات، فلا يلزم من كون شيء من أفراد ماهية معينة أن يكون ما هو أشد منه أيضا من أفراده، ألا ترى إلى أن الغيبة أشد من الوطء الحرام، مع أنها ليست بزنا حقيقة.
وأما الكبرى فدليله أيضا مخدوش بوجهين:
الأول: وهو أضعفهما؛ أن الآيتين لا تثبتان الكلية بل الإطلاق، فيجوز أن لا يجب الحد في بعض أفراد الزنا لدليل آخر.
وفيه: إن اللام الداخلة على الشيخ والشيخة، والزاني والزانية ليس للعهد الخارجي؛ لعدم العهد، فلا بد أن يحمل على الاستغراق بناء على ما تقرر في موضعه(2) أن الأصل في اللام العهد الخارجي ثم الاستغراق، فيفيد الحكم الكلي قطعا.
وأيضا: الحكم على المشتق يدل على علة المأخذ فثبت الحكم الكلي من هذه الطريقة.
والثاني: وهو أقواهما أن الحكم في قوله: فارجموهما، وقوله: { فاجلدوا } (3)، إنما هو للحكام والولاة، وقد ثبت من الأخبار الفعلية والقولية وإشارات الآيات القرآنية أنهم مأمورون بدرء الحدود بالشبهات، فلا بد أن يكون هذا الحكم مقيدا بما ليس فيه سبيل للدرء، فالمستفاد منهما ليس أن كل زنا يوجب إقامة الحد، بل أن كل زنا خال عن شبهة يوجب الحد.
পৃষ্ঠা ৭০