ولو صح هذا لصح أن يقال: الماشي بقرة، والإنسان ماش؛ فالبقرة إنسان، وهو باطل يقينا.
الوجه الثاني: إن الثابت بالآيتين ليس إلا كون كل من نكاح ما نكحه الأب وإن علا، والزنا فاحشة، ولا يلزم منه أن يكون النكاح المذكور من أفراد الزنا، فإن اتصاف الشيئين بالوصف الواحد لا يستلزم أن يكون أحدهما صادقا على الآخر؛ لجواز أن تكون الصفة من الأعراض العامة، أو الخواص الشاملة لهما، مع تغايرهما ألا ترى أن الزنا وشرب الخمر والسرقة وغيرها، كلها متصفة بالحرمة، وبكونه كبيرة، وبكونه موجبا للنار إلى غير ذلك من الصفات، مع أنه ليس واحد منها فردا للآخر.
الوجه الثالث: أنه لا يلزم من إطلاق الفاحشة على نكاح ما نكحه الآباء أن يكون زنا؛ لأن الفاحشة وإن أطلق على الزنا لكنه ليس بمنحصر فيه؛ بدليل قوله تعالى: { قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن... } (1) الآية، فليس أن كل فاحشة زنا، حتى يلزم من إطلاق الفاحشة هاهنا كونه زنا.
الوجه الرابع: أنه لو سلم جميع ما ذكره المستدل، فغاية ما يثبت منه أن نكاح ما نكحه الآباء زنا، ولا يثبت منه أن الوطء بالمحارم بعد النكاح زنا؛ لأن الفاحشة في الآية إنما أطلق على النكاح لا على الوطء.
فإن قلت: الوطء بالمحرم بعد نكاحه أشد وأخبث من نكاحه، فيكون داخلا في الزنا بالطريق الأولى.
পৃষ্ঠা ৬৯