المقامات القلبية، ومحبة الجلال والإحسان هو آخر المقامات القلبية ومحبة الجلال والإكرام أول المقامات الروحية، ويتفاوتون فيها بحسب ارتفاع درجاتهم، ومقاماتهم منها، ومن حظي بشيء منها فقد دخل ذلك في الطور الخامس: وهو طور الروح والتحقيق إنما يكون بإكمال العبودية في هذه المرتبة، وإكمال العبودية في هذه المرتبة ألا يقع شيء منه على غير مولاه كما قال بعضهم: المحبة أخذة من الله لقلب عبده عن كل من سواه، فترى النفس مائلة لطاعته، والعقل متحصنا بمعرفته، والقلب مأخوذا في حضرته، والسر مغمورا في مشاهدته، والعبد يستزيد فيزاد، ويفاتح بما هو أعذب من لذيذ مناجاته، ويكسى حلل التقريب على بساط القربة.
وكمال ذلك ألا يكون منه شيء خارج عن تلك الأخذة، ومن وفق لذلك يرجى أن يكون الله تعالى متوليه ووليه ومدبره، فهو عبد جذب الله باطنه إليه ولم يقع شيء منه إلا بين يديه، فلها به عن كل شيء سواه، فتولاه وقام بأوده وكفايته وهدايته وحمايته وكلاءته ووقايته، فطوى بعد قطع هذه الأطوار في عبودية الملك القهار، ومثل هذا يسمى: إنسانا كاملا عرف نفسه وأطوارها، وعرف معبوده في عبوديته، فاستنار بأنوارها ثم جذبه مولاه إليه فلم يدع منه شيئا لغيره، ثم تولاه وكفاه وهداه، وهذا هو غاية سلوك العبد في سيره ومنتهاه.
পৃষ্ঠা ৯০