القلب كان في حجاب عن مولاه، فعبد الله بفعل المأمور، واجتناب المنهي، فتنور القلب بنور المعرفة، فانكشف الحجاب، فشرع القلب يعامل مولاه بمثل هذه الأعمال، عبودية له، كأنه بين يديه ناظر في الغيب إليه، ومثل هذا يسمى: صاحب قلب، فإن قلبه فائم بين يدي الله تعالى، يعامله بمثل هذه العبوديات، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
الطور الخامس : طور الروح:
وإنما ينقطع بعد قطع هذه الأطوار والتوطن بالاستقامة لله فيها، والدخول قي طور الروح موهبة محضة ، تراد بالمحبوبين المصطنعين عند كمال الكشف الروحي بعد كمال الكشف القلبي، فإن القلب لما كشف له حجابه عامل مولاه سبحانه وتعالى بتلك الأعمال لما كشف له عن حجاب التوبة، ودعاه مولاه إليه من باب التوبة، عامله بالتوبة، ثم لما كشف له عن مقام الخوف خاف، وعن مقام الرجاء حصل له حال الرجاء، ويعامل مولاه به، ثم لما كشف له عن حسن تدبيره وكفالته توكل عليه، وعن حسن قضائه لعبده المؤمن رضي به وبقضائه وعن آلائه ونعمائه، فأحبه لما يغذوه من النعم كلما كشف للقلب عن موطن من هذه ودعاه مولاه من باب من هذه الأبواب دخل في العبودية له منها ، حتى كمل له مقام العبودية القلبية بحسب حاله.
وآخر المقامات القلبية بدايات مقام المحبة، ومقام المحبة هو بدايات الكشف الروحي ، فمحبة الإنعام والإحسان هو آخر
পৃষ্ঠা ৮৯