الثاني، فإنهم ربما طالبوك بشيء من الصدق، فتثور نفسك، فترد الحق، فتمقت عند الله، وربما تزدري أحدا منهم بقلبك، لأنك لا تعلم حقيقة ما هم عليه، فإنك تحسبهم مثلك عبادا أهل ظاهر، فتخطئ في ذلك.
وإن كنت من الفريقين، فادخل على قومك بالمحبة والمذلة والانكسار، والتخصيص لهم، والتعظيم لنظرهم، وحسن الموافقة لأمرهم، وسرعة الأوبة عند تعريفهم، وجميل الانقياد لإشاراتهم واطلب عيب نفسك منهم عليها، وتعرف منهم طلب الحق تعالى وطرق السلوك إليه، ولا تصحبهم على غير ذلك، فتتعب بهم، وتتعبهم معك، ولا تدخل عليهم برفق ولا إيثار إلا بعد شورهم، فإنهم يحبون لك العدل في أمورك، فقد تسرف في النفقة، وهم لا يحبون لأخيهم الإسراف.
واعلم أن هذه الطريقة تقتضي أن يشاطرهم السالك في أمواله وأزواجه، لأن صحبتهم إنما هي بالأرواح لشدة التآلف في معرفة الله تعالى ، ومعرفة الله ومحبته وطلب قربه، لكنهم لا تساوي دنياك ولا أزواجك عندهم قيمة ، لأن عمدة أمرهم التجريد عما سوى الله، ومن كان أصله التجريد لا يحب مالك ولا أزواجك، فلا تتفرق باستشعارك منهم الطمع في مالك، فإن القوم آمالهم منقطعة من غير مولاهم، فاجمع همك، واعرف ما هم عليه، وما هم قاصدوه وطالبوه، واصحبهم على التعظيم والمحبة، ولا تدخل عليهم
পৃষ্ঠা ৮১