কায়রো
القاهرة: نسيج الناس في المكان والزمان ومشكلاتها في الحاضر والمستقبل
জনগুলি
لا شك في أن عصر الخديو إسماعيل (1863-1879) على قصره كان عصر تحديث القاهرة وتنميتها. فهو بحق أحد البنائين العظام شأنه في ذلك شان ملوك أوروبا الذين غرقوا في الديون كما غرق إسماعيل. والفرق بينه وبينهم أن مصر كانت مستهدفة من قبل الإمبراطورية البريطانية التي كانت تنظر إلى مصر صاحبة قناة السويس على أنها واسطة العقد في إمبراطوريتها، ولا بد من احتوائها. وكانت مسألة الديون المصرية ذريعة أولى لإجبار إسماعيل ذي السياسات الطموحة على التنازل عن الحكم، كما كانت ثورة المصريين على الامتيازات الأجنبية في مصر وما تلاها من الحركة العرابية الخطوة الثانية لاحتلال مصر سنة 1882؛ أي بعد قرابة ثلاث سنوات من سقوط حكم إسماعيل.
وحين رغب الخديو إسماعيل في تنمية القاهرة في نطاقها الجنوبي (1874م)، أنشأ حلوان الحمامات شرق حلوان البلد كضاحية حدائق موسرة على غرار ضواحي المدن الأوروبية، مثل: فرساي، ومما ساعد على ذلك أن المشروع كان يتضمن الاستفادة من عيون الماء الكبريتية للعلاج والترفيه. بنيت المدينة على منسوب أعلى من الأراضي الزراعية - محطة سكة حديد حلوان تقع على منسوب 57 مترا، بينما المزارع على ارتفاع نحو 21 مترا - وروعي أن تكون البيوت الواسعة على نمط الفيلات وسط حديقة ولا تتعدى طابقين، وللتشجيع بيع المتر المربع بنحو مليمين، على أن تكون القطعة أكبر من 500 متر، ولا يزال هذا النمط قائما في صورة متفرقة من البلدة، وإن كان غالبه قد شابه القدم والإهمال، ولتشجيع حركة العمران وحركة المتنزهين بني خط السكة الحديدية (1877) من ميدان المنشية تحت القلعة بحيث يسير شرق مدافن الإمام وقرية البساتين إلى طرة، ثم يسير إلى حلوان في نفس مسار الخط الحالي، ولكن مع امتداد العمران وبداية التفكير في إنشاء ضاحية المعادي، رؤي تسهيل الحركة من وسط قاهرة إسماعيل بإنشاء خط حديدي من باب اللوق (1892) عبر مصر القديمة إلى طرة، ومن ثم يستكمل الخط مساره القديم، وفي 1915 ازدوج خط حلوان لكي يخدم ضاحية المعادي التي بدأت امتيازها شركة أراضي الدلتا في 1905.
شكل 2-1:
حلوان في العشرينيات.
شكل 2-2:
تداخل الصناعة مع السكان والزراعة في منطقة حلوان.
وفي العهود التالية أضيفت منشآت أخرى ترفيهية وترويحية وصحية، مثل: الحديقة اليابانية ومصحة فؤاد الأول ومستشفى بهمان للأمراض العصبية، فضلا عن الفنادق الجيدة بمستوى العصر، وبذلك صارت لحلوان مكانة ترفيهية متميزة يزورها مئات الناس من القاهرة للترويح في العطلات، وتوضح الخريطة
2-1
صورة التآلف الإقليمي لمنطقة حلوان-المعصرة حسب خرائط المساحة المصرية عام 1929؛ حلوان الحمامات مبنية على مخطط شبكي حدائقي على منحدرات هينة بعيدا عن مصبات الأودية السيلية القوية كوادي حوف، وبعيدا عن النطاق الزراعي الممتد على مياه ترعتي الخشاب والحاجر وتاركة القرى والعزب الزراعية تتابع نشاطها الزراعي دون تداخلات اقتصادية أو بيئية مؤثرة على الحرفة الأولى، ولو أن مجرد مد الخط الحديدي كان يقود في النهاية إلى مثل هذه التداخلات في الأنشطة وبخاصة الخدمية، والمعنى أن تخطيط حلوان اعتمد الظروف البيئية، ولم يجور على الأرض الزراعية، فصارت حلوان مشتى جميل المناخ صافي الأديم، وهو ما دعى إلى إنشاء مرصد حلوان - إلى الشمال الشرقي على منسوب 114 مترا - الذي كان ذائع الصيت عالميا كأحد المراصد المتوسطة في جو صاف غالبية أشهر السنة، فأين هو الآن من العطاء العلمي؟ لقد نقلت كثير من وظائف المرصد إلى منطقة جبلية صافية الجو في القطامية نأمل ألا تطولها أدخنة المصانع التي تبنى في مدن جديدة كمدينة بدر.
وبالرغم من هذا الشكل الجديد من العمران والطرق الحديدية والبرية في حلوان الحمامات، فإن سكان القرى والعزب الكثيرة، المنتشرة اسما حتى الآن، ظلوا يمارسون أعمالهم في الإنتاج الزراعي، ويعيشون في دعة؛ لقربهم من سوق القاهرة الذي يستوعب منتجاتهم من الخضراوات والفواكه، وخاصة الجوافة التي كان الباعة الجائلون ينادون عليها: «جوافة حلوان» على أنها ترمز إلى الجودة والحلاوة.
অজানা পৃষ্ঠা