سينه أفروخت مرا صحبت صاحب نظران
بركش اين نغمه كه سرمايه آب وگل تست
أي زخود رفنه تهي شو زنو أي دگران
ومما أذكر من ذكريات إقبال أن الأستاذ توماس أرنولد قدم القاهرة ليحاضر في التاريخ الإسلامي. وكان لي به معرفة قديمة. وكانت بيننا مودة، وقد أقام في حلوان حيث أقيم، فكنت أصحبه كثيرا في ذهابه إلى جامعة فؤاد وعودته.
وقد ذكرنا إقبالا ليلة ونحن نسير في حلوان، فقال: هو تلميذي. قلت: إذن هو شاب. قال: أتظنه شابا لأنه تلميذي! أنت لا تدري ما سني. فضحكنا ولم أسأله ما سنه.
ولما توفي إقبال دعيت إلى بيت المقدس لأذيع حديثا عنه، فتحدثت في سيرته وشعره، وقلت: إن شاعر الإسلام العظيم جدير أن ينعى إلى المسلمين جميعا من بيت المقدس قبلة المسلمين الأولى.
واحتفلنا بتأبينه في جماعة الإخوة الإسلامية في القاهرة، وأنشدت قصيدة ترجمتها من ديوان بانك درا، ومما قلت في هذا الاحتفال:
في اليوم الحادي والعشرين من أبريل (سنة 1938) والساعة خمس من الصباح، في مدينة لاهور مات رجل كان على هذه الأرض عالما روحيا، يحاول أن ينشئ الناس نشأة أخرى، ويسن لهم في الحياة سنة جديدة، وسكن فكر جوال جمع ما شاءت له قدرته من معارف الشرق والغرب، ثم نقدها غير مستأسر لما يؤثر من مذاهب الفلاسفة، ولا مستكين لما يروى من أقوال العظماء، ووقف قلب كبير كان يحاول أن يصوغ الأمة الإسلامية من كل ما وعى التاريخ من مآثر الأبطال وأعمال العظماء، وقرت نفس حرة لا يحدها زمان ولا مكان، ولا يأسرها ماض ولا حاضر، فهي طليقة بين الأزل والأبد، خفاقة في ملكوت الله الذي لا يحد.
مات محمد إقبال الفيلسوف الشاعر، الذي وهب عقله وقلبه للمسلمين وللبشر جميعا - الرجل الذي كان يخيل إلي وأنا في نشوة شعره أنه أعظم من أن يموت، وأكبر من أن يناله حتى هذا الفناء الجثماني - فاضت روح الرجل الكبير المحبوب في داره بلاهور ورأسه في حجر خادمه القديم «ألهي بخش» وهو يقول: إني لا أرهب الموت، أنا مسلم أستقبل المنية راضيا مسرورا.
كنت أقرأ كلام إقبال في الحياة والموت، وأرى استهانته بالحمام واستهزاءه بالذين يرهبونه. وما كان هذا خدعة الخيال، ولا زخرف الشعر؛ فقد صدق إقبال دعوته في نفسه حين لقي الموت باسما راضيا، جد المرض بإقبال، وكان يقترب إلى الموت وهو متقد الفكر، قوي القلب، يصوغ عقله كلمات يوقظ بها النفوس النائمة، وينثر قلبه شرارا يشعل به القلوب الهامدة. وكان يعنى بنظم كتابه «أرمغان حجاز»: هدية الحجاز. وكان قلب الشاعر يهفو إلى الحجاز، وقد تمنى في خاتمة كتابه «رموز بي خودي» أن يموت في الحجاز، ومما نظمه في أشهره الأخيرة:
অজানা পৃষ্ঠা