وصرت إلى يوسف بن عمر، فسلمت عليه، فرد علي السلام، ورمى إلي كتابًا فيه: بسم الله الرحمن الرحيم، من عبد الله هشام أمير المؤمنين إلى يوسف بن عمر؛ أما بعد؛ فإذا قرأت كتابي هذا فابعث إلى حماد الراوية من يأتيك به، وادفع إليه خمسمائة دينار وجملًا مهريًّا يسير عليه اثنتي عشرة ليلة إلى دمشق.
فأخذت الدنانير، ونظرت فإذا حمل مرحول، فجعلت رجلي في الغرز، وسرت اثنتي عشرة ليلة، حتى وافيت دمشق، ونزلت على باب هشام، فاستأذنت فأذن لي، فدخلت عليه في دار قوراء، مفروشة بالرخام، وبين كل رخامتين قضيب ذهب، وهشام جالس على طنفسة حمراء، وعليه ثياب حمر من الخز، وقد تضمخ بالمسك والعنبر، فسلمت عليه، فرد علي السلام، واستدناني فدنوت منه حتى قبلت رجله؛ فإذا جاريتان لم أرَ مثلهما قط، في أذنيْ كل واحدة منهما حلقتان فيهما لؤلؤتان تتوقدان، فقال لي: كيف أنت يا حماد؟ وكيف حالك؟ فقلتُ: بخير يا أمير المؤمنين، قال: أتدري فيم بعثت إليك؟ قلت: لا، قال: بعثت إليك لبيت خطر ببالي، لم أدر من قائله؟ قلت: ما هو؟ قال:
ودعوا بالصبوح يومًا فجاءت ... قينةٌ في يمينها إبريق
فقلت: يقوله عدي بن زيد، في قصيدة له، قال: أنشدينها، فأنشدته:
1 / 40