নূর ও প্রজাপতি
النور والفراشة: رؤية جوته للإسلام وللأدبين العربي والفارسي مع النص الكامل للديوان الشرقي
জনগুলি
فتكت بالمتيم المعمود
وسواء أكان شاعر الديوان قد تأثر أساسا بهذين البيتين أم عرف من قراءاته الواسعة عن الإسلام وعن حياة الرسول الكريم أن المحب الذي يعف في حبه يموت شهيدا، مصداقا للحديث النبوي المشهور، فإن دور المتنبي في تنبيهه إلى الاستشهاد في سبيل الحب لن يكون في الحالين دورا هامشيا ولا بعيدا عن التصور، أضف إلى هذا أن العشق الطاهر الصادق في إنتاجه السابق - كما تمثل في شخصيات فيرتر وتوركواتو تاسو وأتيليه في رواية الأنساب المختارة وفي جريتشن في القسم الأول من فاوست - قد انتهى بأصحابه إلى الموت أو الجنون أو الزهد الذي يقترب من القداسة.
وربما يكون جوته قد تأثر في قصائد أخرى في كتاب الفردوس أو غيره من كتب الديوان ببعض المعاني التي توحي بها بقية أبيات القصيدة السابقة للمتنبي، كصورة المحب المتأرجح بين السقم والعافية، أو كلامه عن المسك الذي تحمله الريح من غدائر المحبوبة، أو تحريم كل شيء من الدماء ما خلا ابنة العنقود، أو الشعور بالتعاظم والتفوق والفخر بالنفس:
لا بقومي شرفت بل شرفوا بي
وبنفسي فخرت لا بجدودي
الذي يتردد - كما بينا في الشروح - في كثير جدا من قصائد الديوان، ثم الإحساس بأن الشاعر العربي متجول مثله، وأنه غريب وعظيم كتب عليه أن يعيش وسط الصغار والأوساط، كل ذلك وغيره قد جعل من المرجح أن يكون شاعر الديوان قد أحس بمدى التعاطف الذي يجمعه بشخصية المتنبي وبشعره الذي لم يتح له الاطلاع إلا على القليل منه.
4 (1-3) مجنون بني عامر
ورد اسم المجنون - أي مجنون بني عامر والشاعر العذري قيس بن ذريح - بنطقه العربي ورسمه الأجنبي مقترنا بحبيبته ليلى أكثر من مرة في الديوان الشرقي. ويبدو أن اهتمام جوته بشخصية المجنون يرجع إلى فترة زمنية أسبق من فترة انشغاله بالديوان؛ إذ نجده يدون عبارة «المجنون وليلى» في دفتر مذكراته اليومية بتاريخ 26 / 5 / 1808م، كما يبدو أنه دونها أثناء إقامتها للاستشفاء في كارلزباد وسماعه عن قصة الشاعر الفارسي نور الدين عبد الرحمن جامي (1414-1492م) التي كانت ترجمتها الألمانية للمستشرق هارتمان قد ظهرت في ذلك الحين وهي «ليلى والمجنون»، والمؤكد أنه وجد في المجنون وليلاه، المثل الأعلى للحب الذي تغنى به من خلال نماذج المحبين الصادقين الذين يشيد بهم في أول قصائد كتاب العشق، يدل على هذا أن اهتمامه بهما تجدد مرة أخرى إبان مغامرة حبه السعيد اليائس ل «مريانة» وتدفق قصائد الديوان على قلبه وخياله، إذ رجع في اليوم الأول من شهر مارس لعام 1815م - وهو اليوم الذي قرأ فيه قصة جامي «ليلى والمجنون» - إلى مذكراته اليومية السابقة وخط فيها هذه العبارة الدالة: «استحوذ المجنون وليلى، كمثال لحب لا يعرف الحدود، على المشاعر ونالا العطف والود من جديد.»
والأمر المؤكد أيضا أن الشاعر والعاشق الكهل قد اقترب من المجنون اقترابا حميما منذ بدأت ترجمة «همر» لديوان حافظ الشيرازي (من حوالي 726ه/1326م إلى حوالي 972ه/1390م) تشد إليها بصره وقلبه وتأسر لبه، أي منذ شهور مايو عام 1814م. ولعل أكثر ما جذبه إلى المجنون وحببه فيه بعض رباعيات حافظ التي يتقمص فيها شخص المجنون ويقول فيها: «أنا المجنون الذي لم يستبدل بليلى كل بلاد العرب وفارس.» أو قوله في غزلية أخرى: «في درب ليلى المليء بالمخاطر، والمحفوف بالمشاق، أقسى ما تلقى هو أن تكون المجنون.»
ولا شك أن النموذج المثالي للحب الطاهر العنيف، وللمحب الذي يموت شهيدا في سبيله، هو الذي استأثر باهتمام جوته كلما وقع في ديوان حافظ على اسم المجنون، بل كلما أغفل ذكر اسمه كما نجد في هذه الرباعية: (أيا نسيم الصبا من ديار ليلى، أقسم عليك بالله أن تقول لي: إلى متى يتعين علي أن أروي الصحاري بالدموع؟)
অজানা পৃষ্ঠা