فقوله ﷺ: "احفظ الله يحفظك"
يعني: احفظ حدود الله وحقوقه وأوامره ونواهيه وحفظ ذلك هو الوقوف عند أوامره بالامتثال، وعند نواهيه بالاجتناب، وعند حدوده فلا تتجاوز ولا تتعدى ما أمر به إِلَى ما نهى عنه.
فدخل في ذلك فعل الواجبات جميعًا وترك المحرمًات كلها، كما في حديث أبي ثعلبة المرفوع:
«إِنَّ اللَّهَ فَرَضَ فَرَائِضَ فَلَا تُضَيِّعُوها، وَحَرَّمَ حُرُمَاتٍ فَلَا تَنْتَهِكُوهَا، وَحَدَّ حُدُودًا فَلَا تَعْتَدُوهَا» (١).
_________
(١) أخرجه الطبراني في الكبير (٢٢/ ٥٨٩)، والدارقطني في سننه (٤/ ١٨٤) من طريق داود بن أبي هند عن مكحول عن أبي ثعلبة الخشني.
وأخرجه الييهقي في "السنن الكبير" (١٠/ ١٢) موقوفًا عَلَى أبي ثعلبة الخشني من نفس الطريق المرفوع.
قال البيهقي: هذا موقوف، وأنبأنيه شيخنا أبو عبد الله الحافظ في "المستدرك" فيما لم يقرأ عليه إجازة حدثني علي بن عيسى ثنا محمد بن عمرو الحرشي ثنا علي بن مسهر عن داود بن أبي هند ... فذكر نفس الإسناد.
وسئل الدارقطني في العلل (٦/ ٣٢٤) برقم (١١٧٠) عن هذا الحديث فَقَالَ: يرويه مكحول واختلف عنه، فرواه داود بن أبي هند عن مكحول، واختلف عنه، فرواه إسحاق الأزرق عن داود بن أبي هند عن مكحول عن أبى ثعلبة مرفوعًا.
وتابعه محمد بن فضيل عن داود.
ورواه حفص بن غياث ويزيد بن هارون عن داود فوقفاه.
وقال قحذم: سمعت مكحولا يقول: لم يتجاوز به.
والأشبه بالصواب مرفوعًا وهو أشهر.
قال ابن رجب في جامع العلوم والحكم (١/ ٢٤٠): وله علتان: إحداهما أن مكحولًا لم يصح له السماع عن أبي ثعلبة، كذلك قال أبو مسهر الدمشقي وأبو نعيم وغيرهم.=
3 / 94