أن أحفظ فيك. وتلا هذه الآية: ﴿وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا﴾ [الكهف: ٨٢].
وقال عمر بن عبد العزيز: ما من مؤمن يموت إلا حفظه الله في عقبه وعقب عقبه.
وقال يحيى بن إسماعيل بن سلمة بن كُهيل: كان لي أخت أسنَّ مني فاختلطت وذهب عقلها وتوحشت، وكانت في غرفة في أقصى سطوحنا، فمكثت بذلك بضع عشرة سنة، فبينما أنا نائم ذات ليلة إذا باب يدق نصف الليل، فقلت: من هذا؟ قالت: كجه، فقلت: أختي؟! قالت: أختك، ففتحت الباب فدخلت ولا عهد لها بالبيت أكثر من عشر سنين.
فقالت: أتيت الليلة في منامي فقيل لي: إن الله قد حفظ أباك إسماعيل لسلمة جدك، وحفظك لأبيك إسماعيل؛ فإن شئت دعوت الله فذهب ما بك، وإن شئت صبرت ولك الجنة؛ فإن أبا بكر وعمر قد شفعا فيك إِلَى الله ﷿ بحب أبيك وجدك إياهما، فقلت: فإذا كان لابد من اختيار أحدهما فالصبر عَلَى ما أنا فيه والجنة، وإن الله ﷿ لواسع بخلقه لا يتعاظمه شيء، إن شاء أن يجمعهما لي فعل.
قالت: فقيل لي: فإن الله قد جمعهما لك ورضي عن أبيك وجدك بحبهما أبا بكر وعمر ﵄، قومي فانزلي، فأذهب الله تعالى ما كان بها.
ومتى كان العبد مشتغلًا بطاعة الله فإن الله ﷿ يحفظه في تلك الحال، كما في مسند الإمام أحمد (١) عن حميد بن هلال عن رجل قال:
"أتيت النبي ﷺ فإذا هو يريني بيتًا فَقَالَ: إِنَّ امْرَأَةً كَانَتْ فِيهِ فَخَرَجَتْ فِي سَرِيَّةٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَتَرَكَتْ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ عَنْزًا وَصِيصِيَتَهَا (٢)، كَانَتْ تَنْسِجُ بِهَا قَالَ: فَفَقَدَتْ عَنْزًا، مِنْ غَنَمِهَا وَصِيصِيَتَهَا فَقَالَتْ: يَا رَبِّ، إِنَّكَ قَدْ ضَمِنْتَ لِمَنْ خَرَجَ فِي سَبِيلِكَ أَنْ تَحْفَظَ عَلَيْهِ، وَإِنِّي قَدْ فَقَدْتُ عَنْزًا مِنْ غَنَمِي
_________
(١) (٥/ ٦٧). قال الهيثمي في المجمع (٥/ ٢٧٧): ورجاله رجال الصحيح.
(٢) الصِّيصيَّة: هي الصِّنارة التي يغزل بها وينسج.
3 / 101