* ذكر نُبَذٍ مِمَّا رُوِيَ مِنْ سَعةِ حِفْظِه وفَرْط ذكائه:
قد تقدم منه أشياء، وأشهرها قصة المائة حديث الَّتِي قلبها أهلُ بغداد، فاستحضرها كلها، وردَّ أسانيدها إلَى متونها عَلى الصواب، وسردها لهم عَلى ترتيب ما أوردوا عليه من مرة واحدة، حكاها ابن عدي والخطيب وغيرهما.
وَقَالَ أبو بكر الكلوذاني: كَانَ البُخَاريّ يأخذ الكتاب من العلم، فيطلع إليه اطلاعة، فيحفظ عامة أحاديثه من مرة.
وَقَالَ أبو الأزهر: كَانَ بسمرقند أربعمائة مُحدِّث، فأحبوا أن يغالطوا مُحَمَّد بن إسماعيل، فأدخلوا إسناد الشام في إسناد العراق، وإسناد اليمن في إسناد الحرم، وامتحنوه به، فما تعلقوا عليه بسقطة.
وَقَالَ وراقه: سمعته [١١/ أ] يقول: ما نمتُ البارحة حَتَّي عددت كم أدخلت تصانيفي من الحديث، فإذا نحو من مائتي ألف.
وَقَالَ عنه أيضًا: ما جلستُ للتحديث حَتَّى عرفت الصحيح من السقيم، وَحَتَّى نظرتُ في كتب أهل الرأي وعرفت قولهم، فلا أعلم شيئا يُحتاج إليه إلا وهو في الكتاب والسنة، قَالَ: فقلتُ له: يُمكن معرفة ذَلِكَ؟ ! قَالَ: نعم.
وَقَالَ أَحْمَد بن حمدون: رأيتُ البُخَاريّ في جنازة، وَمُحَمَّد بن يحيى الذهلي يسأله عن الأسماء والعلل، وهو يمر فيها مثل السهم كأنه يقرأ: ﴿قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (١)﴾.
* ذكر تصانيفه والرواة عنه:
فمنها (الْجَامع الصحيح)، وكان سبب تصنيفه ما حكاه إبراهيم بن مِعْقَل النَّسَفي عنه قَالَ: كنا عند إسحاق بن رَاهَويه، فقال بعضُ أصحابه: لو جمعتم كتابًا جامعًا مُختصرًا لسنن النبي ﷺ، قَالَ: فوقع ذَلِكَ في قلبي.
قَالَ: وسمعته يقول: ما أدخلتُ فيه إلا ما صحَّ، وتركتُ من الصحاح كي لا يطول الكتاب.
وَقَالَ مُحَمَّد بن سليمان بن فارس: سمعته يقول: رأيتُ النبي ﷺ في النوم،
1 / 97