وكان من العبادات ما هو تَرْكٌ مَحْضٌ وهو الصوم فذكره؛ لأنه بقية الأركان الخمسة المذكورة في حديث ابن عمر (١)، وتَرْجَم عن الحج بكتاب المناسِك ليَعُمِّ الحجَّ والعمرة، وكان مُسْتَحَبًّا لكل مَن حج أن يجتاز بالمدينة الشريفة، فذكر ما يتعلق بذلك.
وهذه التراجم فيها معاملة العبد مع الخالق، فعقّبها بمعاملة العبد مع الخلق؛ فقال: كتاب البيوع، فذكر تراجم بيوع الأعيان، ثم بيع دين عَلى وجه مخصوص وهو السَّلَم.
وكان البيع قد يقع قَهْريًا؛ فذكر الشُّفْعَة.
ولما كَانَ البيع قد يقع فيه غَبْنٌ من أحد الجانبين إما في ابتداء العقد أو في المجلس، وفيها ما يقع عَلى دَيْنَيْن لا يَجب فيهما قَبْضٌ في المجلس ولا تَعيين أحدهما؛ فذكر الحِوَالة.
وكان في الحوالة انتقال الدَّين من ذِمَّة إلَى ذِمَّة فأردفها بما يقتضي ضم ذمَّة إلَى ذمة، أو ضم شيء تحفظ به العُلْقَة وهو الكفالة والضَّمان، ثم الوكَالة الَّتِي هِيَ حِفظ المال.
ولما كانت الوكالة فيها تَوَكُّل عَلى آدمي ذكر بعدها ما فيه تَوَكُّل عَلى الله وهو الحَرْثُ والمُزَارعة، وذكر فيها متعلقات [٥/ ب] الأرض من الموَات والغَرْس والشِّرْب.
وكان يقع في كثير من ذَلِكَ إرفاق فَعَقَّبه بما فيه فضل ورفق وهو القَرْض.
ثم ذكر معاملة الأرقاء ليعم جميع المعاملات.
ولَمَّا كانت المعاملات لابد أن تقع فيها منازعات عَقّبها بما يلائمها، فذكر الإشْخَاص والْمُلازمَة والإلْتِقَاط.
ولما كَانَ الإلتِقَاط وضع اليد بالأمانة عَقّبه بوضع اليد تعديّا، فذكر المظالم والغَصْب، وما فيه غصب ظاهر وهو حق شرعي وهو وضع الخُشُب في جدار الجار ونحو ذَلكَ.
_________
(١) أخرجه البُخَاري في "صحيحه" (كتاب: الإيمان، باب: دعاؤكم إيمانكم) برقم (٨)، وفِي (كتاب: التفسير، باب: ﴿وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ. . .﴾ الآية برقم (٤٥١٤)، ومُسْلِم في "صحيحه" (كتاب: الإيمان، باب: بيان أركان الإسلام ودعائمه العظام) برقم (١٦).
1 / 80