فافهم يا بني هداك الله ما شرحنا لك من أعلام النبوة ودلايلها، وأعلام الأوصياء ودلايلها، وأعلام الأئمة ودلايلها التي تدل على عقد الله الإمامة لمن عقدها لهم والحكم منه سبحانه بها فيهم، فقد شرحت ذلك لك شرحا مجملا، وفسرت لك بعض ما تحتاج إليه تفسيرا كاملا، فلا تلتفت إلى غير ما قلنا من أقاويل الهراجين، وتعبث العباثين وزخاريف كلام المتكلمين، وافتراق أقاويل الجاهلين، ممن يقول: إن الإمامة بإجماع الرعية، وقول من يقول: بل هي لما يوجد من الآثار المروية في الملاحم المذكورة، وقول من يقول: هي بالوراثة لولد بعد والد، لا يلتفتون ويلهم لما تستحق به الإمامة من البينات، والشواهد النيرات، همج رعاع، وللجهال أتباع، لم يقتدوا بالحكمة فيعلموا بما به تحق الإمامة لصاحبها على الأمة، قد جعلوا الحكم بها وفيها لغير من حكم الله، وجعلوا الحكم بها إلى غير الله، فركبوا من ذلك مركبا وعرا، واكتسبوا به في الآخرة نارا وعارا، اعتمدوا في أكبر أمور الله وفرضه من الإمامة على التقليد، فقلدوا الحكم بها كبراءهم في كل الحالات، وطلبوا إثباتها من أبواب الروايات، جهلا بما عظم الله من قدرها، وتصغيرا لما كبر الله من أمرها، فتكمهوا بذلك في ظلم العمايات، وغرقوا في بحور الجهالات { وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون } [الشعراء:227] فلا يبعد الله إلا من ظلم، وأساء وغشم، وحسبي الله فنعم المولى ونعم النصير، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
পৃষ্ঠা ৫৯৭