ويميز بينهما ، ويحكم بزيادة الوجود وحلوله في الماهية ذهنا وتعقلا لا خارجا. والوجود الذهني وإن كان عبارة عن كون الماهية في الذهن فهو كالخارجي أيضا ؛ لأن الذهن قد يعقل الماهية خالية عن الوجود الذهني ويفرض لها وجودا آخر يكون شرطا لهذا الوجود ، وهكذا إلى أن ينقطع بانقطاع الاعتبار. والوجود المطلق (1) مشروط بالوجود الخاص الذهني أو الخارجي ، ولا استبعاد في كون الخاص علة وسببا لوجود العام في غيره.
وإذا (2) استحضر الذهن صورة غير مستندة إلى الخارج وحكم عليها بأنه لا مطابق لها في الخارج كان ذلك هو تصور السلب ، ثم إذا استحضر صورة أخرى وحكم عليها بأن لها في الخارج مطابقا كان ذلك هو تصور الإيجاب ، ثم يحكم على إحداهما بأنها مقابلة للأخرى، لا من حيث إنهما حاضرتان في العقل ، بل من حيث استناد إحداهما إلى الخارج دون الأخرى ، فالمحكوم عليه بالتقابل صورتان عقليتان موجودتان في الذهن ، وهذا معنى قولهم (3) «تقابل السلب والإيجاب : إنما يتحقق في القول والضمير (4) لا في الخارج».
ويمكن اعتبار ذلك أيضا في الصورة الذهنية فإن للذهن أن يعتبر رفع (5) جميع الأشياء حتى رفع نفسه فإذا تصور شيئا لا وجود له في الخارج بصورة حلت فيه ، أمكنه تصور عدمها وحكم بالتقابل بينهما من حيث إن الصورة أخذت ثابتة في الذهن تارة ومسلوبة عنه أخرى ، وإن كان لا بد في السلب من ثبوت ذهني ، لكن باعتبار آخر ، فالحكم هنا بالتقابل على صورتين ثابتتين في الذهن لا باعتبار
পৃষ্ঠা ৪৭