لا يقال (1): سلمنا ، أن الشك يدل على المغايرة ، لكنه إنما يثبت بالنسبة إلى الموجود الخارجي ، أما الذهني فلا.
لأنا نقول : قد نعقل الماهية ونشك في وجودها الذهني ، ولهذا أنكره جماعة ، فالوجود الذهني وإن كان لازما للشعور بالشيء لكنه غير لازم في الشعور به (2). ولأن الماهية الموجودة في الأعيان ، وهي غير معقولة لعاقل ، تكون حقيقتها حاصلة ، ووجودها الذهني غير حاصل ، ويلزم منه المطلوب.
لا يقال : نعارض بالوجود ، فإنا نتصوره ونشك في حصوله في الأعيان ، فيلزم أن يكون للوجود وجود ويتسلسل.
لأنا نقول : الشك في الشيء قد يكون في ثبوته لشيء ، وقد يكون في ثبوت آخر له. والشك في الوجود إنما هو بالمعنى الأول ، لا بمعنى ثبوت وجود آخر له ، لامتناع وصف الوجود بالوجود والعدم ، فإنه (3) لو اتصف بالوجود لزم التسلسل ، ولو اتصف بالعدم ، لكان الشيء موصوفا بنقيضه ، وإذا كان معنى الشك في الوجود هو أنه هل هو ثابت لغيره أو لا؟ ثبت المطلوب. أما الشك في الماهية فليس معناه هذا ، بل هل ثبت (4) لها وجود أم لا؟ وفيه نظر.
ولأن الوجود مستند إلى الفاعل وحاصل بجعل جاعل ، بخلاف الماهية.
ولأن الفصل علة لوجود الحصة لا لماهياتها.
ولأن العلة متقدمة على المعلول في الوجود لا في الماهية.
পৃষ্ঠা ৪০