ثم إنه مع نهيه عن هذا وهذا جعل لعباده إذا تابوا مخرجا فإنه سبحانه هو القائل {65: 2 - 3 ومن يتق الله يجعل له مخرجا • ويرزقه من حيث لا يحتسب} والذنوب واقعة من بني آدم لا محالة فإن الله تعالى قال {33: 72 - 73 وحملها الإنسان إنه كان ظلوما جهولا • ليعذب الله المنافقين والمنافقات والمشركين والمشركات ويتوب الله على المؤمنين والمؤمنات} فكل بني آدم ظلوم جهول إلا من تاب الله عليه قال تعالى {70: 19 - 35 إن الإنسان خلق هلوعا • إذا مسه الشر جزوعا • وإذا مسه الخير منوعا • إلا المصلين} الآيات وقد وصف الله الإنسان بأنه (11: 10 فرح فخور) (11: 9 يؤوس كفور) و(100: 6 كنود) و(14: 34 ظلوم كفار) جبار إلى غير ذلك مما يدل على أنه لا بد أن تقع منه الذنوب كما في الصحيح عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال «كتب على ابن آدم حظه من الزنا فهو مدرك ذلك لا محالة فالعينان تزنيان وزناهما النظر والأذن تزني وزناها السمع واليد تزني وزناها البطش والرجل تزني وزناها المشي والقلب يتمنى ويشتهي والفرج يصدق ذلك أو يكذبه» وفي الحديث «كل ابن آدم خطاء وخير الخطائين التوابون».
وفي الصحيح عنه صلى الله عليه وسلم قال «لو لم تذنبوا وتستغفروا لذهب الله بكم ولجاء بقوم يذنبون ثم يستغفرون فيغفر لهم».
وكان من رحمة الله التي بعث بها نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم التوبة كما قال صلى الله عليه وسلم في الحديث المعروف «أنا نبي الرحمة ونبي التوبة ونبي الملحمة» ولم يجعل على أمته إذا تابوا من الآصار والأغلال ما كان على بني إسرائيل فإنهم لما تابوا من عبادة العجل كان من توبتهم أن يقتل بعضهم بعضا وروي أنه كان أحدهم إذا أذنب أصبح الذنب مكتوبا على بابه هو وكفارته.
وأما الآية التي بعث [الله] * بها محمدا صلى الله عليه وسلم فقال لهم {39: 53 يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا} وقال {40: 1 - 3 حم • تنزيل الكتاب من الله العزيز العليم • غافر الذنب وقابل التوب شديد العقاب ذي الطول لا إله إلا هو إليه المصير} وقال {3: 135 والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم ومن يغفر الذنوب إلا الله ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون}.
فمن أذنب سرا وتاب إلى الله سرا تاب الله عليه ومن أظهر ذنبه للناس فلا بد من إنكار الناس عليه فإن الناس إذا رأوا المنكر فلم يغيروه أوشك أن يعمهم الله بعقاب منه وحينئذ فيعاقبون على الذنوب الظاهرة بالحدود الزاجرة وهي كفارات لأهلها وجعل للذنوب الصغيرة كفارات تمحوها كما قال تعالى {4: 31 إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم}.
والكفارات هي عبادات وهي عقوبات تمحو تلك السيئات التي ليست من الكبائر التي فيها الحدود وهي نوعان ما يكفر بجنس الحسنات وما له كفارات مقدرة.
পৃষ্ঠা ৩৫