لله أطراسها التي أضاءت بمدادها، وأشبهت عيون العين ببياضها وسوادها، وانطوت المحاسن تحت رق منشورها، وصدحت حمائم البلاغة على أغصان سطورها. صحائف تنوب عن الصفائح، وقراطيس تزف إلى الأسماع عرائس القرائح. ألبسها الحبر أثوابًا من الحير، ودبجها صواب الفكر لا صوب المطر. كم حازت من در منظوم، وعلم لفظ بوشي المعاني مرقوم. وفقر تفتقر إليها أجياد الحسان، وغرر كلم تذهب العقول بسحرها وإن من البيان:
كتاب في سرائره سرور ... مناجيه من الأحزان ناجي
كراح في زجاج بل كروح ... سرت في جسم معتدل المزاج
فاجتهد أعزك الله في طلابها، واحرص على الدخول في زمرة أربابها، وتمسك بأذيال
بنيها، تجد جوادًا أو نبيلًا أو نبيهًا. وحسبهم شرفًا أن الله تعالى نوه بذكرهم في العالمين، ووصف الكتبة بالحفظ والكرم فقال: ﴿وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ، كِرَامًا كَاتِبِينَ﴾.
الفصل الثاني والعشرون: في الحرب والسلاح
منع الجزية أهل الصليب، في عام عاموا منه في بحر عجيب، فأشار الأمير بالتأهب للنزال، وأمر بتحريض المؤمنين على القتال. فأخذوا في الاستعداد. وجدوا في تحصيل الجياد.