الأوام وأتعلل بلعل وعسى، وأحتمل مشقة آسي جرح الأسى، وأتعلق بأذيال ضيف الطيف، وأتشبت بأن أوقات الفراق سحابة صيف:
وأطوف في تلك الديار مسائلًا ... عن أهلها أبكي ما قد جرى
لله بعد البعد حمر مدامع ... بنُضارها المبدول قد أثرى الثرى
وقد علم الله أن يوم النوى، أضعف بناء جسدي بالهوى فهوى، وأحال صبغة حالي، وسقاني كأس بعد مذاقها غير حالي، فعدت ذا سكر دائم، وعناء تحل دونه عقد العزائم. القلب مأوى الهموم، والطرف موكل برعي النجوم، والكآبة في الخاطر خاطرة، والعين إلى نحو الطريق ناظرة، وأسياف الضنى تجرح الجوارح، وسهام الجوى تجنح إلى الجوانح. لا أعرف لذة الوسن، ولا أمل من السير في حزن الحزن. ولا أرد الماء النمير إلا ويلفحه من كبدي حر السعير. إن مر الفكر في خلدي شرحت له صدرًا، وإن دعاني الذكر الجميل مرة لبيته عشرًا. ولولا رجاء العود والإياب، لانفصمت من قوى حياة العليل عرا الأسباب، فتبًا لأيام الصد والقطيعة، وسقيًا لأوقات كانت على رغم العدا مطيعة، حيث الأوطان عامرة، ووجوه الأوطار ناضرة، وأغصان العيش مائدة، وصلة الأحباب عائدة:
وسعاد تسعدنا بروضات الرضا ... ويعمنا منها سنا وسناء
1 / 63