بروحي أفدي من ضربت من آجله ... وقاسيت حر النار وهي تفور
رشًا ضاع ما بين الغلائل خصره ... ألم ترني شوقًا عليه أدور
فخاطبناه في وضع السلاح فوضعه، وسألناه في رفع الحجاب فرفعه. وأخذ ينادمنا بأفصح لسان، ويجلو لنا عقائل أخلاقه الحسان، وينثر علينا من جواهر لفظه النظيم، ولقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم. والزهور تضحك في الأكمام، والغصون ترقص على غناء الحمام، والنهر يصفق لتشبيب الريح في آفاقه، والدوح ينقطه بالدنانير من أوراقه، والعيون تجري بين أيدينا، والنسيم بطيب أنفاسه يحيينا، والروض يفرش لنا بساط سندسه، ويجلسنا حتى على أحداق نرجسه. ياله منظرًا ما أنضره، وسرورًا ما أوفاه وأوفره، ويومًا ما كان أطيبه وأقصره. ملكنا فيه زمام التهاني، وحصلنا على الأمان والأماني. ولم نزل نتمتع منه
بكل مطلوب، إلى أن آذنت الشمس بالغروب، فتأهب الغلام لمعاده، وعلا على ظهر جواده، ثم ودعنا وسار، وأودعنا الشوق والادكار وتركنا نتقلب على تلهب النار.
الفصل الحادي عشر: في وصف الجارية
تاقت نفسي إلى زيارة بعض الإخوان، فسرت إليه مشمرًا
1 / 48