15
ومما سولت به نفس المترجم «مراد بك» بإرشاد بعض الفقهاء، عمارة جامع عمرو بن العاص، وذلك أنه لما خرب هذا الجامع، بخراب مدينة الفسطاط وبقيت تلالا وكيمانا، وخصوصا ما قرب من ذلك الجامع، ولم يبق لها بعض العمار إلا ما كان من الأماكن التي على ساحل النيل، وخربت في دولة القاصدغليه، وأيام حسن باشا «قبودان» لما سكنتها عساكره «الأتراك» ولم يبق بساحل النيل إلا بعض أماكن جهة دير النحاس «كتبها الجبرتي دار النحاس» وفم الخليج والجامع العتيق، «جامع عمرو» لا يصل إليه أحد لبعده وحصوله بين الأتربة والكيمان، وكان الناس فيما أدركنا، يصلون فيه آخر جمعة في رمضان فتجتمع به بعض الناس على سبيل التسلي من القاهرة ومصر وبولاق، وبعض الأمراء أيضا، والأعيان ويجتمع بصحنه أرباب الملاهي من الحواة والقراداتية وأهل الملاعيب والنساء الراقصات المعروفات «بالغوازي»، فبطل ذلك أيضا من نحو ثلاثين سنة
16
لهدمه وخراب ما حوله، وسقوط سقفه وأعمدته، وميل شقته اليمنى، بل وسقوطها بعد ذلك، فحسن ببال المترجم هده وتجديده بإرشاد بعض الفقهاء، ليرقع به دينه الخلق، كما قال شاعرهم:
ومسجد في فضاء ما عمارته
فوق الصيانة إلا لهو مختلق
كأن عمرا دعا يا عاص هم به
ورمه رقعة في دينك الخلق
ثم ذكر الجبرتي أن مراد بك قام بعمارة ذلك المسجد وصرف عليه أموالا عظيمة «أخذها من غير حلها» ووضعها في غير محلها، وصلى الناس صلاة آخر جمعة من رمضان سنة 1212 «أي: قبل وفاة مراد بك بثلاث سنوات فقط».
ثم قال الجبرتي: «فلما حضرت الفرنساوية في العام القابل «1213» جرى على الجامع ما جرى على غيره من الهدم والتخريب وأخذ أخشابه، حتى أصبح بلقعا أشوه مما كان فيا ليتها لم تزن ولم تتصدق.» ثم انتهى بهذه العبارة إلى وصف لتاريخ مراد بك فقال:
অজানা পৃষ্ঠা