وقلت امرؤ لا يقتدي غير أنه ... إمامًا وفردًا بالجواز يفوز
وذاك امرؤ أعمى نأى عنه سمعه ... وليس لأفعال الإمام يميز
فهاك جوابًا واضحًا قد أبنته ... ومثلي عن حل الصعاب ضموز
فإن كان هذا ما أردت فإنما ... بفضلك في الدنيا تفك رموز
وإن لم يكنه فالذي هو لازم ... جواب لمضمون السؤال يحوز
فلا زلت تبدي من فضائلك التي ... تزيد مع الإنفاق وهي كنوز
فأنت صلاح الدين والناس والدنا ... وأنت خليل والخليل عزيز
ومنها أنه لا يجب عليه الحج إذا لم يجد قائدًا متبرعًا، أو كان عاجزًا عن أجرته.
لأن ذلك من عدم الاستطاعة. ولا يجوز له الاستنابة عنه. وبه قال أحمد وأبو يوسف ومحمد.
وقال أبو حنيفة رضي الله تعالى عنه في أصح القولين عنه: الاستنابة فيه.
قال الرافعي رحمه الله تعالى: إذا وجد مع الزاد والراحلة قائدًا، يلزمه الحج بنفسه، لأنه مستطيع. والقائد في حقه كالمحرم مع المرأة.
ومنها بيع الأعمى بنفسه وشراؤه.
إن قلنا بالمذهب الصحيح على القول الجديد: إنه لا يجوز بيع الغائب ولا شراؤه، فلا يجوز بيع والأعمى لا شراؤه. فإن جوزناه فوجهان. الأظهر منهما أنه لا يجوز. والفرق أنا إذا جوزنا الغائب، ثبت فيه خيار الرؤية. وفي حق الأعمى لا سبيل له إلى خيار الرؤية، إذ لا رؤية ألبتة. فيكون كبيع الغائب، على شرط أن لا خيار.
والثاني: يجوز ويقام وصف غيره له مقام رؤيته، كما تقام الإشارة مقام النطق في حق الأخرس.
وبهذا قال مالك وأبو حنيفة وأحمد رضي الله تعالى عنهم.
وإذا قلنا لا يصح بيع الأعمى ولا شراؤه، فلا تصح منه الإجارة، ولا يصح منه الرهن، ولا تصح منه الهبة.
فهذه الثلاث مسائل، مقيسة على عدم صحة بيعه وشرائه.
وهل للأعمى أن يكاتب عبده.
قال في التهذيب: لا. وقال في التتمة، المذهب أن له ذلك. تغليبًا للعتق، وصححه النووي رحمه الله تعالى.
ويجوز للأعمى أن يؤجر نفسه، وأن يشتري نفسه، وأن يقبل الكتابة على نفسه: لأنه لا يجهل نفسه في هذه الأحوال.
1 / 38