وقد قطع قوم على أن في الأخبار المروية عن النبي صلى الله عليه وآلهوسلم كذبا ، وتعلقوا بما روى عنه عليه السلام من قوله صلى الله عليه وآلهوسلم : «من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار» (1) وبما يروى من قوله صلى الله عليه وآلهوسلم : «ستكثر الكذابة علي» (2).
وليس ذلك بمعتمد : أما الخبر الأول فيتضمن الوعيد ، ولا يعلم وقوع الفعل لا محالة ، والخبر الثاني خبر واحد لا يوجب القطع على صحة مخبره ، فالصحيح ما قلناه من التجويز من غير قطع ، وإنما يعلم كذب بعض الأخبار المروية عنه صلى الله عليه وآلهوسلم على سبيل الوصف دون التعيين ، فنقول : كل خبر دل ظاهره على إجبار أو تشبيه أو ما جرى مجرى ذلك ، مما علمنا استحالته ، من غير قرينة ، ولا على وجه الحكاية ، وكان احتماله للصواب بعيدا متعسفا وجب الحكم ببطلانه ؛ لأن الحكمة والدين يمنعان من الخطاب بما يحتاج إلى تعسف وتكلف شديد حتى يحتمل الصواب ، وأما كون الخبر صدقا فمخالف لكونه كذبا ؛ لأنه لا خبر روي إلا ويحتمل الصدق والكذب ، وليس يجوز أن يجعل وجوب العمل به دليلا على كونه صدقا ؛ لأنا قد نعمل بما يجوز كونه كذبا من شهادة الشاهدين بلا خلاف.
[السابع] : فصل في أن الخبر الواحد لا يوجب العلم
اعلم أن الصحيح أن خبر الواحد لا يوجب علما ، وإنما يقتضي غلبة الظن بصدقه إذا كان عدلا. وكان النظام يذهب إلى أن العلم يجوز أن يحصل عنده وإن لم يجب ؛ لأنه يتبع قرائن وأسبابا ، ويجعل العمل تابعا للعلم ، فمهما لم يحصل علم فلا عمل. وقال بعضهم : إن خبر الواحد يوجب العلم الظاهر ، ويقسم العلم إلى قسمين. وفي الناس من يقول : إن كل خبر وجب العمل به فلا بد من إيجابه العلم ، ويجعل العلم تابعا للعمل.
পৃষ্ঠা ২২২