الذباب، من الحيوان معروف؛ والذباب: ذباب السيوف. الشدو: الغناء. فشبه طنين الذباب في الهوادي، وهي الأعناق، بترنم الذباب. واستعار الرياض للحتوف توطئة لشدو الذباب؛ لأن الرياض الملتفة الأسجار، موضع ترنم سواجع الأطيار.
وملاحظة أمثال هذه المقاصد من مقاصد فحول الشعراء، مما يعين الشادي في الأدب المحاول انظم الشعر، على نظم جيده.
وأذكرني بيت نباتة قول ابن الرومي، وهو من أحسن ما سمعت في معناه:
ومن عجبٍ أنَّ السّيوف لديهمُ ... تحيضُ دماءً والسّيوفُ ذُكورُ
وأعجبُ من ذا أنهَّا في أكُفِّهم ... تَأَجَّجُ نارا والأكفُّ بُحور
ومن شعراء المغرب الأوسط، وأهل التصنيف والإتقان والضبط، الشاعر الرقيق، العربي الأزدي العريق:
أبو علي حسن بن رشيق
وكان رجلا تلعابه، كثير الدعابة، غير أنه لم يذمه أحد بذلك ولا عابة، كتب إلى بعض الرؤساء:
إنّي لقيتُ مشقَّهْ ... فابعث إلى بشُقَّةْ
كمثل وجْهِكَ حُسنا ... ومثل دِينَيِ رِقَّة
1 / 57