فأجابه بجفاء: كلا.
وكان كلوكلو يعلم أن داغير وبوفور قد استأجرا مكانا في الغابة للصيد فيه؛ إذ صحبهما مرارا إليه، فتقدم داغير وسار إلى ذلك المكان فكمن بين الأدغال لوثوقه أنه سيأتي إليه، فأقام نحو ساعة دون أن يراه، فقال في نفسه: لا شك أنه ارتاب بي فعاد أدراجه.
والحقيقة أنه عاد إلى المنزل، ولكنه لم يعد لهذا السبب، بل لأنه لم يتمكن لضعفه من مواصلة السير.
أما كلوكلو فإنه عاد إلى الفندق، وقد وثق قبل الدخول إليه أن داغير في المنزل إذ رآه واقفا وراء النافذة.
ودخل إلى الفندق فوجد في قاعة الطعام رجلا غريبا يأكل ويشرب ويكلم صاحب الفندق بلهجة أهل الألزاس، فعرفه صاحب الفندق بذلك الغريب، وكان كلوكلو ولوعا بالشراب، فمال عليه الرقيب بالكئوس حتى سكر وانطلق لسانه، فجعل الرقيب يستدرجه، فعلم منه أن داغير خسر ثروته لشركة بوفور، وأنه جريح، وكاد أن يخبره بكل ما يعرفه ولكنه توقف عن الكلام لما رآه من اهتمام الألزاسي، فعاد إليه شيء من صوابه.
وأدرك الرقيب ذلك منه فألح عليه بشرب كأس ثم بالثانية والثالثة، فعقد لسانه بعد الانطلاق وانقلب صريعا من سكره تحت المائدة.
وعند ذلك سأل صاحب الفندق الرقيب إذا كان يريد أن يعد له مرقدا فقال: كلا، بل أبقى بجانب هذا الصريع حتى يستفيق؛ فأكون أتبع له من ظله.
ونام كلوكلو نحو ساعتين، ثم استفاق من رقاده لا من سكره، فكان أول ما خطر له داغير، فقال في نفسه: ويح لي! أيعهد إلي جيرار بمراقبته فأشتغل عنه بالنوم! وماذا أقول له إذا كان قد سافر دون أن أراه؟ أأقول له لقد شغلني عنه السكر. إن داغير لا بد أن يكون الآن في الغابة، ولا بد لي من الذهاب إليها الآن، فإذا لم أجده فيها عدت إلى مكمني في الفندق.
قال هذا وخرج من الفندق والفجر يكاد ينبثق، فسار في طريق الغابة والرقيب في أثره، حتى إذا وصل إليها شعر بنعاس لا يقاوم فقال لا يشفيني من هذا النعاس غير الاستحمام في البحيرة.
وسار إليها ولكنه قبل أن يبلغها ببضعة أمتار غلبه النعاس فنام بين الأدغال، واختبأ الرقيب بالقرب منه ليعلم ماذا يفعل بعد أن يستفيق.
অজানা পৃষ্ঠা