قال: هذا محال فإنه لن يبوح بحرف، وإذا لم أعثر على براهين جلية اضطررت إلى إحالة بوفور على المحكمة، فاجتهد أن تجد هذه البراهين قبل ثمانية أيام؛ لأني لا أستطيع الصبر أكثر من ذلك.
فخرج الرقيب وهو يقول في نفسه: نعم، سأجدها، ولكن ليس بمراقبة جيرار، بل بمراقبة كلوكلو.
القسم الرابع
يذكر القراء أن جيرار حين افترق عن كلوكلو أوصاه أن يجيء إليه في اليوم التالي.
وقد جاءه في الموعد المعين، فقال له جيرار: إن داغير على وشك الشفاء، ومتى شفي برح المنزل، فأريد أن تراقبه أتم المراقبة فتعلم إلى أين يذهب، فاجتهد أن تقف على كل ما يفعله، وإذا وقفت على شيء غير مألوف فأسرع بإخباري.
قال: سأفعل يا سيدي؛ فاسمح لي أن أسألك إذا كنت مشككا بداغير. - لا أشكك بأحد. - أما أنا فأشك كثيرا بهذا الرجل، وكفاني برهان ذلك الدم الذي رأيته فوق ثيابه ليلة الجريمة، وقد روت الجرائد أن القاتل جريح فلا ريب عندي أن القاتل هو ... - لا تذكر اسم أحد فقد يسمعونك. - سأفعل كل ما تريده يا سيدي، وكل ما أرجوه أن تطلق يدي في العمل. - ولكن بشرط أن تخبرني بكل ما يخطر لك فعله قبل الشروع فيه.
فاتفقا على ذلك، وذهب كلوكلو إلى جهة منزل داغير، وهو لا يعلم أن معاون قاضي التحقيق يسير في أثره وهو متنكر أتم التنكر.
وكان يوجد في تلك الجهة فندق صغير يشرف على باب منزل داغير، فاستأجر غرفة فيه، وبعد هنيهة خلا الرقيب مع صاحب الفندق؛ فأسفر هذا الاختلاء عن اتفاقهما على كلوكلو.
وفي اليوم التالي بينما كان كلوكلو جالسا وراء النافذة يراقب رأى داغير في الحديقة وهو بملابس الصيد، ثم رآه وقف في الباب الخارجي فنظر يمنة ويسرة إلى الطريق، فلما لم ير ما يريبه مشى في الطريق المؤدية إلى الغابة، وهو يمشي لضعفه مشية السكيرين.
وأسرع كلوكلو في أثره، وفيما هو في الطريق، التفت داغير إلى الوراء وخشي كلوكلو أن يرتاب به فدنا منه وقال له: أتريد يا سيدي أن أصحبك فأخدمك في الصيد؟
অজানা পৃষ্ঠা