كانت تضع على كتفها سترة بيضاء من الصوف، وجمالها يلفت عيون جميع من في المطعم. وفكر هاناي أنها لو كان ما حكته ليلة الأمس ليس كذبا، فهما معا كزهرتين صناعيتين من البلاستيك العجيب. ثم رفض عرضها بالتنزه بعد الغداء، وكتب على الفور أول خطاب تهديدا لي على طريقة اليمين المتطرف.
ولكن استمرت علاقتهما - غير الواضحة إن كانت صداقة أم استئناسا - تتقدم للأمام متتبعة مسارا عجيبا، ومشاعر هاناي تتبدل بين الطمأنينة التي يكتشفها لأول مرة، وشعور الخزي المستمر حتى الآن. ينعزل الاثنان ليلا داخل غرفة الفندق وحيدين. وتلح ريكو عليه لكي يحكي لها حكاية فقدانه لثقته في جسده. وعندما بدأ يحكي تلك الحكاية بصدق وصراحة دون أن يخفي شيئا ، شعر أن عينيها تلمعان فجأة، ثم تنطفئ مرة أخرى كأنها مصباح إضاءة، ثم تلمعان مجددا بعد لحظات. ... عاد الاثنان معا إلى طوكيو بعد يومين، ولكن حتى ذلك الحين لم تنشأ بينهما علاقة جسدية باستثناء بعض القبلات العابثة فقط، وكان هاناي يحاول إلهاء مشاعر الاكتئاب المتراكمة داخله من خلال رسائله لي بإمضاء مجهول. ولكن لم تكن هي من دله على عنواني. ولكنه نقش اسمي وعنوان عيادتي في ذاكرته عندما رأى إعلان العيادة على صفحات الجرائد قبل لقائه بها. أي أنه كان سيزور غرفة التحليل النفسي في عيادتي إن آجلا أم عاجلا.
عندما عادا معا إلى طوكيو قررا حجز غرفة واحدة في فندق بطوكيو للإقامة فيها معا.
اختار هاناي أحد الفنادق في منطقة كوجيماتشي المشهور بالفضائح. كان ذلك الفندق على أي حال لا يقل عن فنادق الدرجة الأولى، ومع ذلك لا تنقطع عنه الشائعات من كل نوع، فيقال عنه إن الفنانين يتسللون إليه مع عشيقاتهم، وإن الأجنبي الذي تخلف شريكته الموعد معه ينزل إلى بهو الفندق فيعثر على شريكة جديدة فورا. كان هذا الفندق مكانا ضروريا للحصول على لقب الرجل اللعوب في عالم أصدقاء هاناي الذين عاشوا حياتهم بالمظاهر فقط. ولذا - بسبب معاناته من العنة - كان حلم هاناي المستحيل الذي ظل يتمنى تحقيقه، هو مرافقة امرأة إلى هذا الفندق أكثر من أي مكان آخر. وتحقق له ذلك الحلم الآن بصورة غير طبيعية.
ويجب هنا الحديث عن البيئة التي تربى فيها هاناي وظروفه العائلية. والده يملك شركة شهيرة لصناعة الأدوية الطبية، وربى ابنه على الحرية الكاملة تماما دون أي تدخل من جانبه، ولكن من حسن الحظ أنه كان متفوقا في الدراسة ولم يتسبب في معاناة لوالديه عند اختيار الجامعة، ولم يكن يعترض على بياته عددا من الليالي خارج البيت. أما والدته فكانت منهمكة في الأعمال الخيرية وهواية تنسيق الزهور، فكان تقريبا لا يراها في البيت؛ لذا لم تنتبه إلى المأساة النفسية التي يعانيها ابنها.
بدأت من ذلك اليوم معيشة الاثنين معا في غرفة الفندق، ولكن كان هاناي يعود لبيته مرة كل ثلاثة أيام تقريبا، ليلهي والديه بأي طريقة. ولكن ما محتوى تلك المعيشة المشتركة معا؟ وهنا أدهشتني مجددا غرابة طموح ريكو التجريبي.
كان موقفها الأساسي الذي أخذته هو موقف الممرضة؛ كموقفها مع خطيبها الراحل. تظاهرت بالتأكيد بالبرود المطلق. واكتشفت هنا الموقف النفسي العجيب لريكو الذي يجب وصفه «قرار البرود الجنسي». وبأي حال فقد كان انطباعي عنها منذ البداية أن البرود الجنسي هو اختيار اختارته هي بنفسها.
عندما نام الاثنان معا في فراش واحد لأول مرة، قالت ريكو: «لننم معا كأخ وأخت.» ثم بعد ذلك بدأت تصب اللعنات طويلا على الرجال ذوي القوة الجنسية. يمكننا تخيل إلى أي مدى أحس هاناي بالاطمئنان عندما سمع أن رغبات الرجل الجسدية العنيفة، ونظراته البراقة، وسلوكه البليد أو المفرط البراعة ... كل ذلك وغيره يجعل قلب ريكو يبرد ويزيد من بروده الجنسي.
ولكن هاناي لم يستطع محو خزيه المستمر لسنوات طويلة؛ ولذا لم يكن ذلك الاطمئنان ليحل التعقيدات التي في قلبه فجأة. فحاول أن يزيل ذلك العار من خلال رسائله اليومية لي.
في اليوم التالي نام الاثنان معا وهما في عري تام. حتى هاناي نفسه عجز عن وصف تلك الليلة العجيبة. فقد بدأت ريكو تداعب برفق وحنان جسد هاناي الذي لا يرغبها أو لا يحاول أن يرغبها. «إن مثلك هو الرجل الحقيقي. لم لا يملك كل الرجال رقيا وهيبة مثلك؟ إن الشهوة تحول أي رجل رائع إلى مسخرة هزلية.»
অজানা পৃষ্ঠা