تمهيد من الناشر
الموسيقى
المراجع
تمهيد من الناشر
الموسيقى
المراجع
الموسيقى
الموسيقى
تأليف
يوكيو ميشيما
অজানা পৃষ্ঠা
ترجمة
ميسرة عفيفي
تمهيد من الناشر
هذا تقرير عن حالة مريضة ببرود جنسي كتبه الدكتور كازونوري شيومي ووضع له عنوانا باسم «الموسيقى». يعتمد التقرير على وقائع وسجلات حقيقية تماما مع إخفاء أسماء أبطالها الحقيقيين. ويمثل هذا التقرير مدى إخلاص هذا الطبيب لروح البحث العلمي، ويوضح كذلك تفانيا نادر المثال لمحاولة إنسانية هادئة للتفكير ومحاسبة النفس. وبمجرد أن وصلت مخطوطة التقرير إلينا، لم نتردد في النشر مطلقا، إلا أنه ظهر رأي يقول إنه يجب قبل النشر لفت انتباه القراء مسبقا لنقطتين:
النقطة الأولى:
تتعلق بسياق الحديث عن الجنس عند المرأة في التقرير؛ فربما يثير موقف الطبيب وتعامله المطلق - بصفته عالما ليس مطلوبا منه مراعاة هذا السياق أو ذاك - مشاعر غضب واعتراض، وخاصة من القارئات. لو كان ذلك التقرير عملا أدبيا، فلا خوف من أن يعامل الجنس على أنه أمر موضوعي إلى هذا الحد، ولكن من المعتاد أن يتخفى - بغض النظر عن صحة ذلك أو خطئه - وراء حجاب من الزخرفة، لإثارة خيال القراء، ولكن هذا التقرير يفتقر إلى مثل تلك المراعاة، وربما تظهر وسط الكلام زخرفة باستخدام أسطورة من الأساطير الرمزية للجنس، وهي صادرة جميعها من تأثر الكاتب بأوهام المريضة.
والنقطة الثانية:
أن محتوى تقرير الطبيب ينحرف انحرافا شديدا عن المنطق السليم، ويبعد تماما عن الحياة العاطفية للمرأة الطبيعية، مما يدعو إلى الخوف أن يعد التقرير بأكمله عملا مختلقا غير قابل للتصديق. ولكن لا مفر لدينا من الإقرار - على كره منا - أن هذا التقرير كله يعتمد على حقائق واقعية. وإن اعترفنا بذلك، فلا مفر من الإقرار بعمق واتساع الجنس الذي لا يعرف له قاع أو حدود عند البشر. ولا يقتصر ذلك على ما يسعد القلب دائما، بل هو يمثل غابة من غابات الأساطير، إذا ظهر فيها أي نوع من أنواع الوحوش المخيفة فلن يستدعي ذلك اندهاش أحد أو تعجبه. وليس من يختزن ذلك داخل قلبه أنثى واحدة هي «ريكو» بطلة هذا العمل، بل كل أنثى من القراء هي كذلك حقا.
دراسة حالة لمصابة ببرود جنسي من خلال طريقة التحليل النفسي.
كتب التقرير: كازونوري شيومي.
অজানা পৃষ্ঠা
الموسيقى
1
مرت خمس سنوات سريعا منذ أن افتتحت عيادة في الطابق الرابع بإحدى مباني منطقة هيبيا. ولقد تعودت الأعين والآذان تدريجيا على وظيفة المحلل النفسي التي لم يكن يعرفها في البداية إلا القليل، مع ذلك لا يجب بالطبع مقارنة الوضع في اليابان بالوضع المزدهر في أمريكا. إن قدرتي على تدبير عيشي ودفع إيجار باهظ الثمن وسط العاصمة، لهو أمر يدعو للسرور، ليس من أجلي فقط، ولكن من أجل مهنة التحليل النفسي عامة.
وأعتقد أن سبب النجاح الأول في ذلك، هو افتتاح عيادة في وسط العاصمة، مع خلق بيئة تساعد أي شخص أن يدخل العيادة بسهولة، وأن يستشير عن حالته استشارة سريعة. وحاليا ليس من النادر أن يزور العيادة فجأة وبدون موعد (مع الإقرار بالصراع النفسي)، موظفون وموظفات في طريق عودتهم من العمل، ببساطة وبدون تكلف، مثل من يذهب لقارئي الكف.
وكان واضحا وضوح الشمس أن زيادة عدد المرضى باطراد، كان نتيجة تطور المجتمع بدرجة عالية؛ فالإنسان يعامل معاملة الترس الذي يركب في آلة عملاقة، ولا يسمح له بمقاومة. وأعتقد أن ذلك كان سببا كافيا لزيادة أعراض العصاب أكثر وأكثر في اليابانيين، وخاصة من يسكن في المدن الكبرى، حتى وإن انعدم الصراع مع الضمير البيوريتاني المتأزم، كما الحال مع الأمريكيين.
ولذلك كما ذكرت منذ قليل؛ فمن بين مرضاي موظفون وموظفات، ومنهم نادلات الحانات وربات البيوت ذوات الوقت الفارغ الطويل، ومنهم منتجو برامج تلفزيونية ولاعبون محترفون لكرة البيسبول. ولن أكون مبالغا إذا قلت إن المرضى يغطون جميع الوظائف الرائدة في العصر الحالي.
منهم من يأتي عبر مريض آخر، ومنهم من يأتي بتوصية من زملائي الأطباء. وفي كل الأحوال، يعد انعدام شعور الخزي والعار للعائلة كلها من تردد أحد أفرادها على مستشفى للأمراض النفسية؛ والموجود منذ القدم، تطورا كبيرا. ومع ذلك، يختلف الأمر بالتأكيد عن الذهاب إلى طبيب الأسنان، ويبدي الأغلبية خجلا من أعين الناس. ولكن الاتجاه الجديد مؤخرا، وما أعاني منه شخصيا هو كثرة عدد المرضى الذين يزورون عيادتي من أجل إرضاء ما يجب وصفه بمرض الاستعراض النفسي وعادة الاعتراف بلا داع، وخاصة من النساء.
كنت أحصل على الأجر الكافي طبقا لما تقتضيه القواعد من أي مريض كان. وفي الواقع يعد هذا جزءا من العلاج بالتحليل النفسي. فأنا أستهدف ضبط وتنظيم الحالة النفسية للمريض باستخدام وظيفة المال في اللاوعي. أتجنب أخذ التكاليف مرة واحدة قبل العلاج أو بعده، ووضعت قاعدة لدفع الأجرة بعد نهاية كل جلسة على حدة، عبر الدفع مباشرة للمعالج النفسي يدا بيد، وهو ما علمني إياه أستاذي البروفيسور «ف».
1
وإن قيل لي: «أعطنا مثالا من بين هذا العدد الكبير من المرضى، ترك انطباعا لا ينمحي من ذاكرتك.» - مع وجود أنواع متعددة من المرضى أصحاب المرض العضال، ومع وجود مرضى يشكون من أعراض غريبة - فإنني لا أجد مفرا من ذكر «ريكو يوميكاوا» في البداية.
অজানা পৃষ্ঠা
فعندما زارت عيادتي، لم تكن تشتكي، كما سأذكر فيما بعد، من مشكلة مخيفة؛ ولكنها جعلتني في النهاية أرتعد رعبا من غرابة روح الإنسان وجسده.
لقد تعاملت في عملي بالتحليل النفسي مع حالات متنوعة، وكنت أظن أن تراكم خبراتي وتدريبي لن يجعلني أندهش من أي حالة. ولكن كلما ازدادت معرفتي أجد أن عالم الجنس عند البشر عالم واسع لا حدود له، ويتعمق إحساسي بأنه ليس معتادا ولا يسري على نمط واحد. ففي عالم الجنس ما من سعادة واحدة تناسب جميع البشر. وأريد من القراء التأكد من وضوح ذلك الأمر في ذهنهم عند قراءة هذا التقرير.
2
صممت جميع غرف التحليل النفسي الثلاث الموجودة في عيادتي بجدران بحيث تمنع تسرب الصوت منعا صارما. ولكيلا يعوق تتبع المرضى الطبيعي لذاكرتهم من خلال محفز غير مرغوب فيه، لم أزين أيا منها بمزهرية واحدة أو لوحة. وبديلا عن ذلك جعلت غرفة الانتظار تعطي الزوار شعورا بأكثر أنواع الراحة قدر الإمكان؛ بنوافذها الواسعة جدا والتناسق بين ألوان الجدران والمقاعد المريحة، وجمعت في رفوف المجلات جميع المجلات المصورة من الشرق والغرب، وحرصت على ألا تنقطع الورود والزهور من المزهريات. وحدث عندما وضعت زهور الأقحوان في غرفة الانتظار أن أكلها أحد المرضى بعد أن غضب من طول فترة الانتظار، ولكن ذلك استثناء نادر حتى بين الاستثناءات ذاتها.
ذكرني موقف الأقحوان هذا أن الصباح الذي جاءت فيه ريكو يوميكاوا لأول مرة كانت مزهرية غرفة الانتظار تتزين بزهور الأقحوان أيضا، فلا شك أنه كان صباح يوم خريفي مشمس.
حجزت ريكو موعدا بالهاتف في اليوم السابق، وكانت أول زائر في ذلك اليوم. والانطباع الذي أخذته عنها من مكالمة الهاتف أمس أن صوتها منخفض قليلا، وبه نضارة محببة للنفس، ولاحظت في نبرة صوتها قلقا إلى حد ما، ولكنها أعطت لي انطباعا بأنها طبيعية. ولقد كانت تحمل معها خطابا يعرف بحالتها من أحد أصدقائي القدامى وهو طبيب باطنة بإحدى المستشفيات. وعند النظر إلى حالتها من عدة نقاط بدا لي أنها ليس بها مشكلة عويصة.
في ذلك الصباح وصلت إلى عيادتي، وألقيت تحية على المساعد «كوداما» والممرضة «ياماؤتشي» ثم ارتديت المعطف الأبيض، وجاء موعد ريكو يوميكاوا سريعا. دخلت العيادة متأخرة سبع دقائق تقريبا وهي ترتدي معطفا بلون أحمر فاقع. وإلى حد ما يخفي تفضيلها لهذا اللون الذي يلفت أنظار الناس إليها، معنى نفسيا.
أذهلني جمالها؛ عمرها بين 24 و25 عاما، ومقابل المعطف الأحمر الفاقع اللون، كانت مساحيق وجهها راقية وغير لافتة، وأعتقد أن سبب ذلك هو ثقتها الشديدة بجمال تقاطيع وجهها الأصلية.
ملامح وجهها متناسقة، ولكنها تخلو من برودة التناسق. أنفها الجيد يجعل جانب وجهها جميلا، ولكن لم يكن أنفا مفرطا في النتوء مطلقا، ويحمل لطافة بدرجة مناسبة. ومع اكتناز شفتيها كان فكها دقيقا ورقيقا، ويبدو رهيفا وحساسا. لا يرى في عينيها الصافيتين وحركتهما غرابة أو شذوذ.
ولكن عندما خرجت لاستقبالها وإلقاء التحية عليها، كان واضحا أنها تحاول أن تظهر على وجهها ابتسامة مشرقة، ولكن في تلك اللحظة ذاتها، تتحرك في خدها رجفة (
অজানা পৃষ্ঠা
tic ).
رأيت تلك الرعشة في الوجه على الفور، وهي بدون أدنى شك بوادر الهيستيريا ولكنني تعمدت إظهار عدم رؤيتي لها. ولم تكن رجفة شديدة بل مجرد رعشة مرتين أو ثلاث مرات مثل تموجات ضئيلة.
وعرفت فورا ما في داخل قلب ريكو من اضطراب. فمع أنني ظننت أنني أتقنت التظاهر بعكس ذلك إلا أنها استشفت سريعا رؤيتي لتلك الرجفة. ربما كان تشبيها وقحا، ولكن كانت ريكو في تلك اللحظة تشبه الجميلة التي اكتشف بنظرة سريعة أنها الثعلب المتنكر.
لا يتناسب مطلقا هذا الخيال الوهمي الذي طرأ على ذهني، مع غرفة الانتظار التي ينبهر بها كل من يراها متيقنا أنها عيادة حديثة جدا، ولا يتناسب أيضا مع المكاتب والمسارح والفنادق المتراصة في طريق أواخر هذا الخريف المشرق كأسنان المشط خارج النافذة.
أدخلتها غرفة التحليل النفسي، وبعد أن أقنعتها تماما أنه لا قلق من أن يراها أو يسمعها أحد، عرضت عليها الجلوس على المقعد المريح الذي يمكن من خلال ضبطه أن يصبح أريكة صالحة للنوم، وأما أنا فقد جلست على مقعد صغير، وأمامي المفكرة التي فوق مكتبي وتظاهرت أنني لا أنوي وضع أهمية مطلقا لتلك المفكرة.
بدأت بعد أن أصبحنا بمفردنا في شرح حالتها بصوت مريح للنفس فقالت: «منذ بداية هذا الصيف، فقدت شهيتي للطعام نوعا ما، وفكرت أنه لا حيلة في ذلك بسبب الصيف، ثم تحول الأمر تدريجيا إلى الإصابة بالغثيان والرغبة في القيء. لم يحدث مرة واحدة فقط، ولكن عندما تأتيني تلك الرغبة مرة، تستمر مرة بعد مرة بإلحاح شديد؛ لذا اشتريت دواء للمعدة مما يباع في الأسواق وتناولته ولكنه لم يأت بنتيجة. وعند هذا الحد انتبهت إلى أمر فجأة فأصابني الرعب.»
توقفت ريكو عن الكلام وهي تبلل شفتها العليا بطرف لسانها الذي جعلته مدببا صلدا. «فكرت: ألا يكون السبب هو الحمل؟»
فسألتها دون تردد: «وهذا يعني وجود سبب لهذا الشك، أليس كذلك؟» «بلى.»
هذه المرة أجابت ريكو بجراءة بل على العكس بنبرة فخر، ثم أضافت: «... سوف أتحدث عن ذلك فيما بعد بالترتيب. ولهذا السبب ذهبت إلى الطبيب، فأخبرني أنه لم يعثر على مؤشر للحمل، وحولني إلى الطبيب «ر» أخصائي الباطنة، وبعد أن أجريت عنده فحوصات متنوعة، لم يصل إلى نتيجة، وبناء على ما شرحت له من أعراض حولني هذه المرة إليك.»
ثم بدأت ريكو تحكي قصة حياتها منذ نشأتها دون أن تسأل عنها، وحرصت على أن أترك لها المجال تحكي ما تريد دون أن أقاطعها. وكان محتوى حديثها كما يلي: عائلة يوميكاوا عائلة شهيرة من أثرياء مدينة «قوفو» ويمثل والدها الجيل السابع عشر في سلالة العائلة، ولكن بعد أن تخرجت «ريكو» في مدرسة ثانوية للبنات في المدينة، وبرغبة شديدة منها واصلت الدراسة في جامعة «س» للبنات في طوكيو وأقامت في بيت الطالبات التابع للجامعة. ومع أنها وعدت والديها بالعودة مباشرة إلى بيت العائلة بعد تخرجها، إلا أنها رفضت بعناد العودة إلى بلدتها؛ لأنها تكره خطيبها - وهو قريب لها من نفس العائلة - والمقرر زواجهما منذ كانا طفلين، واستطاعت إقناع والدها بضرورة الاستمرار في دراسة المجتمع والحياة من خلال العمل بوظيفة إدارية في شركة كبرى للاستيراد والتصدير. ومر عامان على ذلك، ولكن لأنها إن عادت إلى بلدتها لا ينتظرها إلا الزواج من خطيبها الذي تكرهه، فهي ما زالت تمدد إقامتها هنا حتى الآن، وتعيش في شقة بمفردها كما يحلو لها، ويحرص والدها - والذي يكتفي بإبداء غضبه بالكلام فقط - على عدم التأخر في تحويلاته المالية الكبيرة إليها. هذا هو وضعها الحالي.
অজানা পৃষ্ঠা
أي إنها تعيش حياة جيدة ولا تأمل في حياة أفضل منها. تستخدم مرتب الشركة في مصاريفها اليومية، وليس عليها واجب إرسال دعم مالي لأهلها في بلدتها، بل هم الذين يرسلون إليها تكاليف معيشتها المرفهة. على ما يبدو أن والدها لم يستطع التخلي تماما عن فكرة أن حصولها على حياة مترفة قادر على حمايتها من الوقوع في الخطأ.
ولكن بعد أن دخل الخريف - إضافة إلى فقدان الشهية والغثيان - بدأت الرجفة التي ظهرت عليها، منذ قليل، تهاجمها. «إنه أمر غريب جدا! وكأن وجهي يتحرك من نفسه حتى قبل أن أنتبه أنا إلى ذلك.»
إن هذا تعبير نفسي ماهر جدا ويبرهن على قدراتها العقلية والمعرفية الجيدة، ولكن أثناء قولها هذا أيضا سرت الرجفة على وجهها. أحسست كأن ريكو تغمز لي بعينها؛ لأنها في محاولتها لمقاومة الرجفة ظلت تحافظ على ابتسامة جامدة. وهكذا كلما حاولت أن تتفادى حدوث تلك الرجفة، كانت تحدث رغما عنها. وتلك هي مشاكسة الإرادة العكسية للهيستيريا التقليدية.
وأثناء ذلك بدأت ريكو فجأة في قول أمر مبهم وغامض تماما: «ما السبب يا دكتور؟ إنني لا أستطيع سماع الموسيقى!»
3
وعندما سألتها ماذا تعني؟ قالت إنها عندما تسمع تمثيلية إذاعية، مثلا، فإنها تسمع جزء الحوار بوضوح تام، ولكن الموسيقى المصاحبة للحوار تختفي تماما من الأذن مثلما تختفي الشمس فجأة خلف سحابة غيم، وتصبح منعزلة. ماذا إذن عن البرامج الموسيقية فقط من البداية التي تذيع الموسيقى؟ تقول: في اللحظة التي تعتقد فيها أن الموسيقى ستبدأ، لا تسمع شيئا مهما رفعت درجة الصوت عاليا، وبعد مرور فترة من الوقت عندما يبدأ شرح وتقديم الفقرة التالية يعود إليها السمع بوضوح؛ بمعنى أنها عندما يطرأ مفهوم الموسيقى على ذهنها مرة، تختفي الموسيقى في تلك اللحظة؛ أي إن مفهوم الموسيقى نفسه هو الذي يعوق سماعها.
ولأن هذا القول كان هذيانا عجيبا جدا، فقد أيقظ لدي الرغبة في إجراء تجربة سريعة. فذهبت وأحضرت جهاز المذياع من الممرضة وعدت به، وجربت أن أديره على محطات الإذاعة المختلفة. إحدى الإذاعات كانت تذيع دورس تعليم اللغة الإنجليزية، وسمعت أذنا ريكو تلك الدروس بوضوح.
أدرت المحطات أكثر، وعندما قفزت فجأة من إحدى الإذاعات موسيقى لاتينية صاخبة، أظهرت ريكو على وجهها للحظة مشاعر حيرة تمتلئ بالقلق المريب يشبه تلك التي تظهر عند محاولة تفادي السيارات في طريق مزدحم. لم تكن تلك تعبيرات عين لا تستطيع السمع من البداية، بل إنها تعطي انطباعا أنها تعبيرات نتجت من اختيار بين الخيارات التي تقول: «آه! ما عساني أفعل؟ أأسمح لنفسي بسماع تلك الموسيقى، أم لا أسمح لها؟»
ولكن في خلال لحظة واحدة كان من الواضح أنها لا تستطيع سماع الموسيقى. لقد فقد وجهها حيويته ونضارته، وأصبحت عيناها مفتوحتين على وسعهما بعدمية تجاه الصمت.
وعلى الفور امتلأت عينا ريكو الصافيتان تلك بدموع منهمرة كأن عينيها ستخرجان معها ... ... لقد كانت نيتي أن أبدأ في تطبيق طريقة العلاج من خلال تداعي الأفكار الحر من الجلسة القادمة؛ إن لم يكن ذلك ممكنا من الجلسة الأولى. ولكنني فكرت أن أحد طرق العلاج هو السؤال المباشر بدون مقدمات، والحصول منها على أجوبة قبل إعطاء المريض وقتا أثناء وجوده في تلك الحالة من اضطراب المشاعر؛ لكي يشعر بالعداء تجاه محلله النفسي. وذلك لأنها تعاني من أعراض جعلت البروفيسور «ف» نفسه - الذي يؤكد على ضرورة استخدام طريقة تداعي الأفكار الحر بدون الاعتماد على الأسئلة في الجلسات الأولى من العلاج - يستخدم في إحدى المرات هذه الطريقة العكسية، ويحقق بها نتيجة باهرة. «نعود إلى ما ذكرته منذ قليل عن احتمالية الحمل، هل العلاقة مستمرة حتى الآن مع ذلك الرجل؟» «أجل.»
অজানা পৃষ্ঠা
هكذا أجابت ريكو إجابة مشرقة؛ كأن سؤالها هكذا كان مريحا لها على عكس ما توقعت. «وقت دخولي الشركة، كان أحد الشباب هدفا لاهتمام جميع من في نفس القسم الذي أعمل به. ولكنني شعرت تجاهه بمشاعر عكسية بسبب أن الجميع كانوا يعاملونه باحتفاء عظيم، فكنت أقابله دائما بموقف متزمت؛ إنه هذا الرجل ...»
أخرجت ريكو من حقيبة يدها حافظة اشتراك القطار، ثم سحبت منها صورة فوتوغرافية.
كانت صورة شاب يرتدي قميصا وبنطلون تدريب، ويضحك رافعا إحدى يديه وممسكا مجدافا باليد الأخرى، ويجلس على مركب فردي في فريق التجديف في الجامعة، وعرفت على الفور من الشعار الذي على القميص أنه في جامعة «ت» القوية في رياضة التجديف. في الواقع كان شابا قوي البنيان، وجميل الوجه بمعايير العصر الحديث، ويبدو أنه طويل القامة أيضا، ويمتلك جميع الشروط التي تجعل البنات تحتفي به وتميل إليه. «هذه صورته عندما كان طالبا، ولكنه حتى الآن ما زال يبدو طالبا، وسمعته في الشركة جيدة جدا.»
أضافت ريكو هذا الشرح وهي تنظر إلى الصورة معي.
فقلت موافقا على كلامها موافقة لا تتناسب مع الوضع: «هذا رائع.»
وبناء على ما أضافته ريكو، كانت الظروف التي أدركتها بعد مرور شهور في عملها في الشركة أن الموظفات الأخريات في الشركة اعتبرنها منافسة لهن على الفور. ولم تستطع واحدة منهن أن تخطف قلب ذلك الشاب؛ واسمه ريوئتشي إغامي، الذي كان معبود البنات في الشركة. ومع مرور الوقت، كانت ريكو، على غير المتوقع، لا مبالية، وكذلك لم يبد الشاب، من جهته، اهتماما متميزا بها، مما أدى إلى ميلاد علاقة صداقة لأول مرة بينها وبين البنات، واشتركت ريكو في تحالف عدم الاعتداء الذي يحيط بريوئتشي.
إن التظاهر بعدم الاهتمام وكبح المشاعر الذي تتبارى فيه البنات، على العكس، يربي بسهولة مشاعر خاصة. ولذا لم تستطع ريكو أن تبعد نفسها عن الاهتمام بريوئتشي حتى وإن كانت كارهة لذلك. وفي أثناء ذلك وقعت في حبه رغما عنها.
4
من الأفضل تلخيص بعض النقاط الهامة من حديثها؛ لأن هدفي هنا ليس الكتابة الروائية.
تقابل ريكو وريوئتشي صدفة خارج العمل، وتوثقت العلاقة سريعا بين الاثنين على إثر لقائهما ذلك. وأسر لها الشاب ريوئتشي أنه أيضا يحمل لها شعورا طيبا منذ بدأت العمل في الشركة. ولأن ريكو قد تأكدت - من المشاهدة والسماع خلال الشهور الماضية - أن ريوئتشي ليس زير نساء، ولا حتى ينافق الجميع لكسب الود، فلقد وثقت على الفور في اعترافه هذا بالحب، وسبب ذلك لها سعادة بالغة كأنها في حلم؛ لأنها كانت تحب ريوئتشي بالفعل.
অজানা পৃষ্ঠা
استمرا في اللقاء وهما يبذلان أشد أنواع الحيطة والحذر لكيلا ينكشف أمرهما داخل الشركة. وبعد مرور شهرين من علاقتهما وهبت ريكو له جسدها. وربما كانت طريقة سماحها له بجسدها مفاجئة من خلال الطريقة المنطقية لسير الأحداث. «هل كانت أول مرة؟» «بمعنى؟» «هل كانت تلك أول تجربة لك في حياتك؟»
انسدت الكلمات في فم ريكو وعبرت عيناها عن الحزن. وسرت الرجفة في خدودها مثل برق مشئوم. «أعتقد أنني يجب، كما هو متوقع، أن أخبرك بكل شيء. عندما طلب مني السيد إغامي أن أهب له جسدي كانت معاناتي لا حدود لها.
لأنني نشأت في أسرة محافظة؛ فلم أكن مهملة في هذا الجانب، كان لي عدد من الأصدقاء الذكور أثناء الدراسة، إلا أنني كنت أحافظ بصرامة على عدم تخطيهم الحد المسموح. ولكن بعد علاقتي مع السيد إغامي كنت أحلم بالحياة الزوجية مثل غيري من البنات، وكلما زاد حبي للسيد إغامي، أصبحت فكرة الزواج مرعبة، ويملؤني الرعب أكثر كلما فكرت في إخفاقي في أن أجعله يراني فتاة محافظة على جسدها.
في الواقع إنني في فترة المراهقة، فعل ذلك الخطيب الذي أكرهه ... وفقدت ... وبسبب ذلك زادت كراهيتي له أكثر وأكثر. وكانت رغبتي في دخول جامعة بطوكيو، لرغبتي في الهروب منه، كما ذكرت لك من قبل.
وكنت أفكر في أن الموت أهون لي من أن ينكشف ذلك للسيد إغامي عند زواجنا. ربما كانت نية السيد إغامي أن يحاول محاولة وهو يعرف أنها محتومة الفشل فيرفض طلبه في النهاية. ولكن بالنسبة لي أنا التي كنت أحب السيد إغامي حبا حقيقيا، فقد شعرت أن طلبه ذلك - بدون وضع الزواج شرطا مسبقا - فرصة حقيقية لي ... وهكذا ... وهكذا بعد أن عانيت من التفكير طويلا، هزمت في النهاية أمام رغبته ووهبت له جسدي. ومن المؤكد أن السيد إغامي قد عرف على الفور أن جسدي مدنس، ولكنه لم يقل شيئا عن ذلك مطلقا. ولكن على العكس جرح ذلك كبريائي. فلم يقل لي أيضا بعد ذلك شيئا. ومن ثم فعدم قول السيد إغامي ذلك الآن، جعل بذور الشك تنبت داخلي، أنه سيجعل تلك ورقته الرابحة حين أفكر فيما بعد في طلب الزواج منه. وأعتقد أن ذلك الشك كان صحيحا. أجل؛ لأن السيد إغامي لم يذكر ولو مرة واحدة كلمة الزواج على لسانه بعد ذلك.
وهكذا استمرت علاقتي مع السيد إغامي في انزلاق لمدة عام، إلى أن بدأت في الصيف الماضي تظهر تلك الأعراض التي ذكرتها لك منذ قليل ... وما يحزنني في الموضوع أنني حتى هذه اللحظة أحب السيد إغامي جدا . أحبه حبا أقوى بكثير جدا من ذي قبل. لدرجة أنني في رعب من مدى ما يمكن أن يجرني إليه ذلك الإنسان.» ... بالتأكيد لا داعي للقول إن عيادتي ليست مخصصة للاستشارات العاطفية. ولذلك إن كانت تلك هي طبيعة المشكلة فعلى العكس، ثمة حالات يعتقد فيها أنه من الأفضل إرسال تلك المشكلة إلى صفحة الاستشارات العاطفية في الجرائد. وفي الواقع فإن هناك فائضا من مشاكل قصص الحب حتى إن أصحابها قد لا يجدون مكانا لها في صفحة الاستشارات العاطفية في الجرائد، ولكنني كنت أحمل شكا حول طريقة تحدثها عن مشكلتها تلك بطريقة منطقية مرتبة جدا. من الغريب أن تعاني من أعراض الهيستيريا، امرأة تتحدث عن حالة حبها بتلك الدرجة من المنطق المرتب. وإنني متأكد أن تلك الرجفة وفقدان الشهية والغثيان من وقت لآخر هي أعراض الهيستيريا.
إن طريقة العلاج بالتحليل النفسي تقام في أمريكا عن طريق جلسات مرة كل يوم أو يومين، ولكن المعتاد في البداية، في اليابان، أن تعقد الجلسات مرة واحدة لمدة ساعة كل أسبوع. ولأنني هذه المرة حجزت لها موعدا من الساعة العاشرة إلى الساعة الحادية عشرة، فإنني سأحجز لها موعدا في نفس اليوم من الأسبوع التالي من الساعة العاشرة إلى الساعة الحادية عشرة. وكنت أجعل المريض يتحمل مسئولية حجز ذلك الوقت، بأن يعد بدفع أجرة الحجز حتى في حالة عدم المجيء لسبب لا يمكن تجنبه.
ولأن الجلسة الأولى لريكو انتهى وقتها عند هذا الحد فقد أخذت منها أجرة الجلسة، ومن ضمنها أجرة الكشف الأول، وتركتها ترحل.
5
كان اللقاء الثاني مع ريكو من المفترض أن يكون بديهيا في نفس اليوم ونفس الساعة من الأسبوع التالي؛ لكن بعد خمسة أيام من أول جلسة، جاءتني رسالة منها. كان إبلاغا بعدم رغبتها في إجراء الجلسة الثانية. وكانت الرسالة تحتوي على ما يلي: «إلى الدكتور شيومي
অজানা পৃষ্ঠা
في الواقع عندما تشجعت وقمت بزيارتك كنت أظن أن تفريغ مشاعري المكبوتة داخلي لزمن طويل سيجعلني أشعر بالراحة النفسية والجسمانية، ولكن على العكس؛ ففي اليوم التالي كانت النتيجة عكسية؛ فما سبب ذلك يا دكتور؟!
إن وجهي منذ ذلك اليوم لا يتوقف عن الاختلاج. وكلما حاولت أن أجعله يهدأ - أجده على العكس - يزداد سوءا. ولذلك فأنا لم أستطع الذهاب إلى العمل طوال الأيام الماضية. وكرهت النظر إلى الطعام، ولكنني إن لم آكل سأموت جوعا؛ ولذا آكل رغما عني. لكنني أتقيأ ما آكله مباشرة. وعندما أنظر إلى تلك النتيجة، أرى أنني إن ذهبت مرة أخرى إليك في عيادتك؛ فإنني لا أستطيع معرفة التأثير العكسي المرعب لذلك. كلما فكرت في ذلك لا أستطيع تحمل الخوف. أرجو أن تسمح لي أن أتغيب - رغم أخذي موعدا - عن الحضور في يوم الأربعاء المقرر.
وفي الواقع لقد تعمدت في المرة السابقة إخفاء أمر في منتهى الأهمية عنك؛ لأنني لم أجد في نفسي الشجاعة أن أخبر طبيبا أقابله للمرة الأولى بذلك الأمر. وربما عدم إخباري لك بذلك سبب لي قلقا، وهو ما أحدث تلك الأعراض الفظيعة. هذا هو حكمي الذاتي على الأمر. ومع ذلك ألا تعتقد يا دكتور أنه لا معنى للزيارة إن كنت، على العكس، أعاني تأنيب الضمير بسبب أمر تافه، مع أنني كنت أنوي البوح بالحديث إليك عن كل شيء؟»
ومع أن هذا الخطاب يبدو من الوهلة الأولى أنه مكتوب بهدوء تام، لكنه يظهر في النهاية تناقضا واضحا. فمع قولها «أمر في منتهى الأهمية» تصحح القول بعد ذلك مباشرة بقولها؛ «أمر تافه».
وبعد ذلك تعمدها كتابة رقم هاتف منزلها مع عنوان مسكنها على عكس محتوى الكلام، يظهر ذلك نيتها في رغبتها في المجيء، ولكنها هذه المرة تريد المجيء إلى عيادتي بعد أن أطلب أنا منها ذلك متوسلا.
لقد لمست من هذا الخطاب جانبا يظهر «الأنا القوية» لتلك المرأة، التي لم أشعر بها بدرجة قوية في اللقاء الأول. ومع أننا لم نتقابل إلا مرة واحدة فقط، إلا أن تلك المرأة بدأت الحرب تجاه محللها النفسي مبكرا. لا أعتقد أنها كانت تكذب بشأن تدهور حالتها كذبا، ولكن هذا السوء ذاته يخفي داخله قدرا من التحدي تجاهي .
اتصلت على الفور ببيتها تلفونيا وعلمت أنها غير موجودة في بيتها، فاتصلت مرة ثانية بعد الظهيرة، وقيل لي إنها غير موجودة. وكما قدرت في حساباتي؛ «إنها تنوي أن ترد في المرة الثالثة.» وعندما اتصلت بها للمرة الثالثة في الساعة الخامسة بعد الظهر، التقطت سماعة الهاتف فورا وقالت حجة للاعتذار: «لقد كنت خارج البيت وعدت إليه لتوي.»
ولأني اعتدت على تلك الحيل، فقد تقبلت حجتها بتلقائية، ورجوتها أن تلتزم بالحفاظ على موعدنا بعد غد. «إن تدهور الأعراض أمر مؤقت ويشير إلى استجابة صحية للعلاج. إن هذا دليل على أن الجلسة الأولى كانت لها فاعلية وتأثير إيجابي، ويجب ألا تقلقي. وعلى كل الأحوال، مستقبلا، ستندمين على أنك لم تأتي إلا مرة واحدة فقط، أنا أتقدم إليك برجاء المجيء بعد غد مع علمي أن الأمر شاق عليك.»
قالت بصوت مبحوح ومنخفض وهي تتعمد أن تكون مبهمة: «هل تنتظر حضوري في شوق؟» «بالتأكيد أنتظرك في شوق.» «أحقا ما تقول؟ ... ولكن على أي حال، لا مانع. سأحضر في الموعد.» ... ريكو التي أتت أخيرا في موعدها بالضبط، كانت هذه المرة مختلفة تماما؛ ترتدي معطفا رماديا وبدلة رمادية كذلك.
وبعد أن أرشدتها إلى غرفة التحليل النفسي، بدا عليها القلق وعدم الهدوء. ثم أخيرا نطقت بما يلي: «إنني في منتهى الخجل، ولكنني إن لم أقل لك ذلك فلن تستطيع أن تفهمني. ولذلك سأجرؤ على قوله. أرجوك يا دكتور ألا تنظر إلى وجهي بهذا الشكل! أرجوك أن تدير وجهك ناحية الجدار ... أجل، هذا جيد.
অজানা পৃষ্ঠা
إنني منذ ارتباطي بعلاقة مع السيد إغامي، لم يحدث أن أحسست بشيء مطلقا، ولو مرة واحدة. إنه إنسان في منتهى الجاذبية، ومن الناحية البدنية فهو كامل بلا نقص، ويتوافق مع ما أفضله من الرجال، وعلاوة على ذلك - وهذا أمر لم أذكره من قبل - فهو له خبرة مع العديد من البنات خارج إطار الشركة؛ ولذا فهو ماهر جدا في تقنيات معاملة النساء، ولكن مع كل ذلك لا أشعر معه بأي شيء مطلقا. ومهما قلت لنفسي إنني سأشعر في المرة القادمة، فإنه لا يحدث. وفي مرة عندما أصابه التعب من ذلك وفتر حماسه، فكرت أن أتظاهر بأنني أشعر نوعا ما، فجربت أنواعا عديدة من التمثيل، ولكن لا يمكن أن يستمر الأمر على هذا الحال طويلا، بل أصبحت حالتي مثيرة للشفقة أحيانا، وكوميدية مضحكة أحيانا أخرى. ومع ذلك فأكثر ما يقلقني أن يكون ذلك سببا في أن ينتهي حبه لي. لقد قرأت مرة أنه عندما لا تحس المرأة بشيء؛ فإن ذلك يجرح كبرياء الرجل كثيرا ويجعله يكره تلك المرأة. وفي إحدى المرات بعد أن انتهينا قال لي بنبرة صوت كأنه مزاح: «هل أنت تحبينني حقا؟»
وعندما قيل لي ذلك، شعرت بألم نفسي ومعاناة شديدة، وكاد صدري أن ينشق نصفين. فأنا أحب ذلك الرجل وأهيم به عشقا. أحبه حبا يكاد أن يبلغ بي مبلغ الجنون. ولكن هذا الحب عندما يأتي لأهم لحظة ينقلب ليظهر في هيئة مضادة، ولا أدري ماذا يمكنني أن أفعل حيال ذلك.
وأثناء تفكيري في ذلك بإمعان، منذ بداية الصيف، بدأت تظهر علي اضطرابات متنوعة. ولذلك فأنا أعرف السبب بنفسي. أعرفه جيدا. حتى بدون أن تقوم أنت يا دكتور بالتحليل النفسي، أنا أعرف سبب مرضي. عليك فقط أن تعالج برودي الجنسي وتجعلني أشعر. لهذا السبب أتيت إلى هنا. إن استطعت فقط الإحساس جنسيا فمن المؤكد أن المرض سيختفي فورا ويصبح كأن لم يكن.»
جعلتها تتحدث كما يحلو لها، ولكن عندما التفت إليها ونظرت إلى وجهها، كان خداها توردا بلون أحمر وعيناها تبرقان بلمعان، وعندما نظرت إليها هذه المرة نظرات مباشرة لم يعتر وجهها تلك الرجفة مطلقا. ثم تابعت كلامها مباشرة، وبدأت تقول شيئا يثير الدهشة والعجب: «ألم أقل لك في المرة السابقة إنني لا أسمع الموسيقى؟»
2 «بلى.» «لقد كنت أكذب.» «تكذبين؟!» «ولكن لم أكن أقصد شرا. بالعكس لم يكن في نيتي مطلقا أن أختبرك يا دكتور.
ولكنني فقط لم أكن أستطيع مهما فعلت أن أقول بنفسي (إنني مريضة بالبرود الجنسي)؛ ولذلك أردت منك يا دكتور أن تستشف ذلك من تلك العبارة. ولأنك لم تستشف أي شيء من ذلك، فأنا آسفة، ولكنني بعد ذلك فكرت قائلة إن الدكتور - بغض النظر عما يبدو في الظاهر - هو ساذج المشاعر.» «لا يجب أن تسخري من طبيبك.»
وأظهرت لها ابتسامة مصطنعة، ولكن بهذا الانتصار أصبحت ريكو مرحة بلا حدود. «لقد أراحني هذا الحديث راحة بالغة. فأنا لم أشعر مطلقا بمثل تلك المشاعر المرحة في الفترة الأخيرة. ربما بهذا أكون قد شفيت تماما من المرض، ألا ترى ذلك يا دكتور؟»
مقارنة بالوقت الذي أعلن فيه فرويد عن أبحاثه حول مرض الهيستيريا، مر على طريقة العلاج بالتحليل النفسي العديد من التحسينات والتطورات. فتحولت إلى طريقة معقدة وشاملة ومليئة بالتفاصيل - كما هو شائع حاليا - مما يجعلها تستغرق وقتا طويلا جدا بعد المرور على عصر اعتبار طريقة التنويم المغناطيسي هي الحل لكل شيء، والتي كانت سائدة في نهاية القرن التاسع عشر الميلادي، وبعد المرور على عدد من المراحل المختلفة. كان سبب اكتمال طريقة العلاج بتداعي الأفكار الحر وتطبيقها حاليا، أن تفسير المعنى المخبأ خلف عرض ما، لا يؤدي بالضرورة إلى الشفاء من المرض في كل الأحوال؛ حتى وإن أبلغنا المريض بذلك التفسير؛ لكي يتحرر من مشاعره التي تنبع منها تلك الأعراض. وفي حالة المرأة المتعلمة المثقفة التي تملك «أنا» متضخمة وقوية مثل ريكو؛ فالتفسير الذي تصل إليه من خلال تحليلها الشخصي، ليس فقط لا يحمل أية فائدة للعلاج من المرض، بل إنه على العكس يكون له تأثير سام في حالات كثيرة جدا.
وإضافة إلى ذلك فالمجاز الذي تستخدمه هي، مفرط في وضوحه وبساطته، وتحليلها مفرط في سذاجته، مما جعلني أشعر بالامتعاض والسخط الشديدين. إنها مثلا تؤكد على أن قولها «لا أسمع الموسيقى» هو مجرد كذب، ولكن هل حقا هو كذلك؟ هل حقا الموسيقى مجرد رمز جميل بديلا عن الأورجازم؟ أليس بين ما تسميه هي «الموسيقى» وبين الأورجازم الذي تتوق إليه وتشتهيه، علاقة رمزية مخبأة ولا يمكن تبسيطها في خيط واحد مستقيم؟ ... كان ذلك هو التساؤل الأول الذي عن لي وقتها.
ولذلك قررت على الفور أن أستغل الخمسين دقيقة المتبقية في تنفيذ الجلسة الأولى من جلسات تداعي الأفكار الحر.
অজানা পৃষ্ঠা
6
كان كرسي غرفة التحليل النفسي مريحا عند الجلوس عليه، ويمكن ضبطه على ثلاث درجات حتى يصبح الجالس في النهاية كأنه نائم على ظهره، ولكن ريكو جلست عليه وظهرها مائل بزاوية 45 درجة تقريبا، ونظرت مباشرة إلى الجدران والسقف الرمادي الخالي تماما.
جلست أنا على مقعد صغير خلف رأسها بحيث لا تستطيع عيناها أن تراني. «اسمعيني جيدا.»
بدأت الحديث بصوت عميق ورزين يجعلها تثق في وتطمئن تجاهي، وإنني لأملك ثقة كبيرة في صوتي هذا. «إنني أريد منك أن تتحدثي عما يطرأ على ذهنك كما هو. وأرجو منك أن تعديني بالتخلي تماما عن الأفكار التالية: (1)
الحديث عن مثل هذا الأمر ممل. (2)
هذا الأمر ليس له علاقة مطلقا بالمرض. (3)
أنا أخجل من الحديث عن ذلك الأمر. (4)
إن الحديث عن هذا الأمر مقزز. (5)
إن تحدثت بهذا الحديث فربما يغضب الدكتور مني.
أتسمعين! أرجو منك أن تمحي هذه الأفكار الخمس من ذهنك محوا تاما؟» «حاضر.»
অজানা পৃষ্ঠা
ردت ريكو بتلقائية، وكان ردها هذا يظهر بوضوح أنها قررت قرارا حاسما؛ هو أن تعتمد علي في علاجها من مرضها، مما جعلني أطمئن. وفي نفس الوقت مر في ذهني للحظة خاطفة تساؤل: ألا يكون هذا هو حالها عندما تسلم جسدها إلى حبيبها الوسيم الذي لا يفلح في أن يجعلها تحس بأي شيء؟ «على سبيل المثال: تذهبين إلى الأرياف وترين هذا المنظر: حقول زراعية. غابة فوق هضبة. عدد صغير من البيوت السكنية. حدأة تطير في السماء في شكل دائري. لا عليك إلا أن تقولي لي ما يعن لك وما يخطر على بالك كما هو، لو مثلا لفت نظرك خزان الصرف، اذكريه، لو كان ما يطير في السماء طائرة بدلا من الحدأة، اذكريها، وإن كانت ثمة سيدة تمشي بين حدود الحقول مرتدية فراء «منك
Mink » بما لا يتناسب مع الأرياف اذكريها، ولا تمانعي تماما من تضارب ترتيب الأحداث، لا عليك إلا ذكر كل شيء كما يطرأ على ذهنك.
فكري أنك مجرد مخبر يراقب الأحداث التي تدور في رأسك ليبلغ عنها. وأثناء ذلك احذري أن تقرري بنفسك شيئا أو أن تعيدي ترتيب شيء أو تشويهه. هل فهمت؟» «أجل.»
أغمضت ريكو عينيها فوق الأريكة كأنها مريض قرر أن تجرى له عملية جراحية خطيرة. وعندما نظرت إليها من أعلى رأسها، كانت أهدابها الطويلة - المعتنى بها جيدا - تلقي بظلالها على خديها فبدا وجهها كأنه وجه قديسة. «هناك مخزن كبير ... أدخل المخزن ... إنه مخزن بيت عائلة شون. إن بيت شون قديم. ولأن شون - قريبي الذي أصبح خطيبي فيما بعد - قال لي إنه سيريني شيئا مشوقا، فأنا ... ولكنني في النهاية لم أستطع مواصلة الدخول في المخزن فخرجت منه ... لأنني كنت خائفة نوعا ما ... لا أعرف لماذا كنت خائفة. بعد ذلك أنا وحيدة في غرفتي أقص ورقة طي زرقاء بمقص يصدر صوتا عاليا لأصنع عملا من قصاقيص الورق. كنت طفلة بشعر يشبه الباروكة. طفلة ماهرة في استخدام يدي والعمل بالمقص ... أقص الورقة بلا توقف. همها مواصلة القص، لا تنتهي الورقة الزرقاء، ومهما جذبتها تستمر إلى ما لا نهاية ... أجل كنت أقص بالمقص. وأثناء القص وجدت أن الورقة الزرقاء اتصلت بالسماء الزرقاء. ومع ذلك عندما واصلت القص بالمقص انشقت السماء نصفين. ومن ذلك الشق ... آه ... فجأة شعرت برعب هائل ...»
قالت ريكو ذلك وهي تصرخ وتغطي وجهها بيديها. «ما الذي أخافك؟ قولي كل شيء مهما كان! قولك سيزيل الخوف!» «ثور هائج ...» «ثور؟ ماذا فعل؟» «ركض الثور نحوي بقوة هائلة. باندفاع مرعب، وهو يضرب الأرض فتثير عاصفة من الغبار، يجري تجاهي مباشرة بكل قوته. وقرناه الاثنان ... كلا ليسا قرنين، بل هما يتخذان شكلا أكثر خلاعة ... أجل، ليسا قرني ثور. بل كل منهما يأخذ شكل عضو الذكر البشري.
ولكنه اختفى فجأة عندما جاء أمامي. سرعان ما صرت طالبة في مدرسة البنات. وعندما بدأت صديقاتي الحديث عن ذلك الأمر، قلت إنني لا يمكنني تصديق شيء كهذا، إن فعلت الأنثى ذلك فلا بد من أن جسمها سينكسر وتذهب للمستشفى لعلاجه؛ مما أضحك باقي الصديقات. كانت لدي فكرة غريبة جدا عن ذلك الفعل. إن ثمة امرأة؛ نصفها الأسفل من حديد، وتقرب إليها الرجال وتقتلهم بقوة الضغط عليهم بفخذيها الحديديين. ربما كانت تلك فكرة جاءتني من قصص الأطفال الغريبة، ولكن لسبب لا أعلمه كان دائما يقع علي عبء صقل نصفي الأسفل الحديدي هذا ليكون في لمعة براقة مثل عملية تلميع الحذاء. إن السيارة التي تراكم عليها الغبار، مثلها مثل الحذاء الذي تراكم عليه الغبار؛ يعدان أشياء مخزية تجلب العار، وكان نصفي الحديدي الأسفل أيضا كذلك. أضع عليه زيت التلميع ... أجل كان كذلك، كنت ألمعه بزيت تفوح منه رائحة عطرة رائعة.
وما لا أفهمه أن ذلك كان في مدينة بعيدة غير مسقط رأسي ... في غرفة الإدارة بمدرسة تعليم خياطة الأزياء الغربية، تعاركت مع مدرسة عانس، ثم هربت وغادرت المدرسة ... ولكنني لم أذهب في حياتي إلى مدرسة لتعليم خياطة الأزياء الغربية، ولم أتعارك في حياتي مع مدرسة ... لا بد أن المقص هو السبب في ظهور مدرسة الخياطة. أجل! ... أجل! لقد فهمت. إن نصفي الأسفل الحديدي كان على شكل مقص. لقد علمتني عمتي أن أضع الزيت على المقص وألمعه حتى لا يصدأ فلا يستخدم. ولم أجد زيتا ملائما، فأعارتني عمتي زيت شعرها المستورد. أجل، لقد عرفت أن عمتي هذه لها عشيق تخفيه عن زوجها بالطبع. في ليلة من ليالي الصيف ...» «في ليلة من ليالي الصيف؟»
فتحت ريكو عينيها ونظرت إلى السقف في شرود وهي صامتة. «هل رأيت شيئا؟» «أجل، رأيت.» «ما هو؟» «كلا، لم أر شيئا على الإطلاق.»
غطت ريكو وجهها بيديها وبدأت تبكي. ... ... ...
لأكون صادقا لا مفر من الاعتراف بأن الجلسة الأولى من جلسات التحليل النفسي قد باءت بالفشل. فمع أن ريكو بدت، بدرجة كبيرة، أنها أسلمت لي نفسها، إلا أنها كانت تخفي مقاومة شديدة، وإضافة إلى ذلك - ومن أجل التمويه على إخفائها - أفرطت في استخدام الرموز الجنسية استخداما عشوائيا على حسب ما يتراءى لها بطريقة محبوكة . ومن الواضح تماما أنها تفتعل، وحدث دمج وخلط بين الافتعال واللاوعي في إطار عجيب.
অজানা পৃষ্ঠা
لقد كانت ريكو على علم بالتحليل النفسي أكثر مما ينبغي!
وبعد أن انتهت الجلسة الأولى للعلاج اتفقنا على الموعد التالي، وقررنا أن تكتب لي ريكو ما لم تستطع قوله لي في جلسة تداعي الأفكار الحر الأولى، وترسله لي بالبريد.
7
أخذت من ريكو أجرة العلاج كل مرة كما ينبغي، حتى وإن كانت قد قررت في داخلها أنها تعبث، فأنا لم أكن أبالي بذلك، ولكنني كنت على العكس مسلوب الذهن تماما بواسطة أعراض الهيستيريا البسيطة البادية عليها، ولم أكن أكترث كثيرا فيما تشتكي منه مباشرة من برود جنسي.
جربت أن أقرأ مجددا كتاب البروفيسور شتيكل
3
الذي يناقش فيه بتوسع واستفاضة أعراض مرض البرود الجنسي عند النساء بناء على خبراته في علاج تلك الحالات على مدى طويل، وأدركت مجددا أن اسم البرود الجنسي الذي يطلق هكذا في العموم بشكل مبهم، مرض متعدد الأنواع بدرجة كبيرة جدا وله معان كثيرة، وأدركت إلى أي مدى هو معقد وذو تشعبات متنوعة. ثم اندهشت كثيرا عندما اكتشفت أن هذا الكتاب العتيق القيم الذائع الصيت الذي نشر في عام 1920م، وصل، في أماكن عديدة، إلى براعم مبادئ للطب النفسجسمي (Psychosomatic)
الذي أصبح بالفعل هو الموجة الجديدة لعلم النفس الحديث في الولايات المتحدة الأمريكية حاليا.
لدرجة أن شتيكل يجزم بالقول إن هذا العصر هو عصر العنة، والأغلبية العظمى من رجال الطبقة المثقفة العليا عنن، وأغلبية النساء فيها مصابات بمرض البرود الجنسي. وكلما كان التعليم منخفضا كانت الحياة الجنسية تسير على ما يرام بلا مشاكل، ولكن ذلك ليس بفضل «القوة الحيوية الجسورة التي تشبه الحيوانات» بصفة خاصة؛ بل لأنه مجرد أمر «تكاثري» فقط؛ أي إنه لا يزيد على مجرد «وظيفة نخاعية» فقط. إن شتيكل يقول كل ذلك وغيره بنبرة قاطعة جريئة.
لقد خدعتني ريكو بالقول إنها «لا تستطيع سماع الموسيقى.» ولكن ألم تكن تلك الكلمة تسخر من كل البشر المعاصرين الذين لا يمكنهم سماع «الموسيقى»؟
অজানা পৃষ্ঠা
يجب علي هنا أن أغير مجرى الحديث قليلا، وأتحدث عن حياتي الشخصية وهي مما يصعب علي الحديث عنها.
إنني حتى الآن عزب، ولكن ليس معنى ذلك مطلقا أنني عنين، وكذلك ليس بسبب أنني بوهيمي ذو رغبات جنسية مريبة. إن الممرضة «أكيمي ياماؤتشي» هي رفيقتي التي أرافقها مرافقة الأزواج تقريبا لفترة زمنية طويلة مع عدم العيش معها في بيت واحد. إن «أكيمي ياماؤتشي» في عمر الشباب؛ وبخلاف «ريكو» هي ذات وجه طفولي بملامح وجه مشرقة واضحة، كأنها رسمت بحركة واحدة من فرشاة رسم خشنة مما يعجب الرجال، ولكنها امرأة لا تبدي بتاتا أية غيرة من المرضى بالطبع، بل وكذلك من خيانتي لها، ولكن يبدو أن ريكو كانت هي الوحيدة التي شعرت «أكيمي» بالكره تجاهها منذ اللحظة الأولى.
فبعد أول لقاء لها مع ريكو قالت أكيمي التي يفترض فيها قمة الهدوء في التعامل أثناء العمل: «إنني أكره هذه المريضة. لا يرتاح لها قلبي مطلقا. وكأنها تخدعني ...» «إن جميع المرضى يكذبون كما تعرفين. إنهم يأتون إلى هنا بسبب ما يعانونه هم أنفسهم بسبب كذبهم. ومن المعروف أنه كلما كان الشخص ماهرا في الكذب، كان مرضه أشد وطأة وعضالا. وإضافة إلى ذلك فما دمنا نأخذ أجرة الجلسة كل مرة بلا تأخير فلا يمكن التفكير في أننا عرضة للخداع من أي كان، أليس كذلك؟ ولا يعقل أن ثمة إنسانا يأتي خصوصا لعيادة نفسية وتلقي العلاج بطريقة التحليل النفسي من أجل الخداع وسرقة خزينة العيادة.»
انتهى الأمر عند هذا الحد، ولكن بعد أن عرفنا كذب مسألة الموسيقى، أصبحت «أكيمي» تكن كرها أكثر تجاه «ريكو».
لم يكن ثمة أي عوائق في حياتنا الجنسية أنا و«أكيمي»، ولكن كانت «أكيمي»، من أجل الحفاظ على حريتها، تخاف فقط من إنجاب أطفال، وبخلاف ذلك، ليس إلا، لم تظهر أية أعراض نفسية أو عصبية، بل إنها كانت، على العكس، امرأة ذات جسد سريع التجاوب والإحساس جنسيا.
وفي أحد أحاديثها الليلية قبل النوم قالت «أكيمي» إنها كانت حتى الآن تثق في أنها تملك حريتها باستثناء ارتباطها بجسدها ومتعته، ولكنها بعد أن عرفت «ريكو»، لم تعد كذلك، ثم أضافت بعد هذه المقدمة ما يلي: «بعد أن تعرفت إلى تلك المرأة، صرت منزعجة من الإحساس بأنني ضحلة إلى حد ما. فعندما تأتي تلك المرأة إلى العيادة وتلقي علي التحية ونتبادل النظرات الخاطفة، لا أستطيع منع نفسي من التفكير في أنها تنظر إلي بتلك النظرة.
أشعر أنها تقول في داخلها: [ماذا! إن هذه المرأة تتألق روعة في رداء الممرضات الأبيض، ولكنني أستشف من تحت ذلك الرداء جسد امرأة معتادة ضحلة مبتذلة، عندما يلمسها رجل لمسة بسيطة تسري اللذة في أنحاء جسدها.]
أشعر أن تلك المرأة تقول ذلك فينكمش جسدي، ويبدو لي برود تلك المرأة الجنسي كأنه ثلاجة كهربائية جديدة تبرق لامعة من شدة بياضها، فأحس بالغيظ والحسرة. يفترض أنني عشت حتى الآن أعظم من الحرية الروحية في كل الأحوال، ولكن أمام تلك المرأة أشعر [أن تلك المرأة ليست حرة من الناحية الروحية فقط بل إنها حرة كذلك من كل قيد آخر حتى الجسد]، وأشعر بسبب ذلك أنني في مرتبة أدنى منها.»
أوحت لي تلك الشكوى المتألمة أن الوضع متأزم جدا. لقد أعجبت بأكيمي لصفاتها النادرة حقا في النساء وهي أنها «امرأة لا ترغب في الزواج» «امرأة لا تغار من النساء»، وأمنت بذلك الحفاظ على حريتي أنا أيضا، ومع الحفاظ على علاقة عصرية بين رجل وامرأة ذات ضغوط قليلة، زرعت داخل «أكيمي» بشكل كاف تماما ما يتعلق بقيمة «الحرية الروحية»، إلا أنني سأكون في ورطة إن تخطت حدود ذلك واستهدفت الشكل الخاطئ من حرية الجسد. وهنا بذلت كل جهدي لتصحيح خطئها مستخدما كل ما لدي من حيل وكلمات. «الأمر مختلف يا أكيمي. ألا ترين أنها هي من تحمل عقدة النقص، بل وفقدت حريتها كذلك؟ إن حرية المرأة تعني حريتها في أن يشتعل جسدها كامرأة، وتكتشف داخله لذتها الإنسانية السارية على كل البشر، ولا وجود لنقطة انطلاق إلا من هذا الإدراك الذاتي، أليس كذلك؟ عليك التفكير في مدى اشتياقها هي إلى جسد [امرأة معتادة مبتذل]. لا أعتقد أنك الشخص الذي لا ينتبه إلى تلك النقطة.
أضيفي إلى ذلك أن اعتقادك أنها تملك الحرية الروحية والحرية الجسدية، هو ظن خاطئ جدا. إن نقصانها الجسدي أفقدها حريتها الروحية، وجعل جهودها التي تبذلها بلا طائل، ومقاومتها غير مجدية. إن المرأة المصابة بالبرود الجنسي يحدث كثيرا أن تنتقل من رجل إلى رجل بسبب تلهفها ونفاد صبرها الذي يجعلها تفكر في أن هذه المرة ستحل المشكلة، وهذا يجعلها ظاهريا تبدو امرأة حرة، ولكن ما من امرأة في تعاستها وقيودها، أليس كذلك؟»
অজানা পৃষ্ঠা
ويبدو أن شرحي المنطقي أقنع «أكيمي» إقناعا تاما، ولكن مع ذلك ظلت نقطة أن المرأة المصابة بالبرود الجنسي تقيد الرجل ولا تتقيد به، تسحر لب «أكيمي» مثل بيت شعر جميل. فهذا جعلها تشعر بأنه انتصار من جانب واحد في معركة الحب.
وأدى ذلك في النهاية إلى أن يرتفع صوتي غاضبا: «إلى هذه الدرجة تريدين الإصابة بالهيستيريا؟! هل تريدين أن يتعاطف معك الناس بتلك الرجفة في الوجه؟»
فعادت أكيمي إلى رشدها أخيرا. وفي تلك الليلة صرخت «أكيمي» من اللذة وأنا أضاجعها، وبعدها بكت قليلا بلا سبب. إن كانت «ريكو» هي سبب إصابة امرأة سليمة الصحة بالخنوع والضعف تجاه صحتها تلك - وهو أمر يجب القلق منه - فليس أمامي إلا الشعور بالرعب من فعالية وتأثير الإعاقة التي تكمن داخل مرض البرود الجنسي؛ والتي تشبه سما باردا يطال الآخرين. ... ولأعترف أنني في الواقع ربما تأثرت شخصيا في تلك الليلة أكثر مما تأثرت «أكيمي».
لقد أحسست في لحظة ما أثناء المضاجعة، أن موسيقى الأسطوانة انتهت، فكانت الإبرة مستمرة في الدوران وهي تحك حكا خفيفا في فجوات الأسطوانة الخالية من الصوت، أحسست أنني أسمع صوت ذلك الاحتكاك المبحوح. ترسم تلك الفجوات مدارا لا نهائيا، ولا ينتهي الصدى المبحوح إلى الأبد، وفي الوقت الذي التقطت أذناي ذلك، شعرت أن ذلك الصوت المبحوح مستمر منذ قديم الأزل. وإذ فكرت في ذلك أحسست أن نهاية موسيقى تلك الأسطوانة، كانت في ماض سحيق ، ماض بعيد بعدا لا تستطيع ذاكرتي أن تعود منه حتى تصل إليه. لقد ماتت الموسيقى في ماض بعيد جدا.
وإذ أحسست بذلك في تلك اللحظة، هززت رأسي وهربت من تلك الأوهام، وانهمكت مجددا فيما أفعله أمام عيني. ففي الأصل لا يوجد مشغل أسطوانات في غرفة نومي ولا توجد أسطوانة تدور.
8
الرسالة التي جاءت من ريكو. «إلى الدكتور شيومي
أعتذر عما حدث في المرة السابقة. فمع أنك يا دكتور أعطيتني تلك الإرشادات بجدية مرات عدة، إلا أنني كما توقعت، لم أستطع الحديث بصراحة وتجرد من الذات؛ ولذا كرهت نفسي تلك كرها لا يحتمل.
في الواقع إنني أتذكر المقص الذي تحدثت عنه وقتها بوضوح تام. ولكنني تعمدت التحدث عنه بتلك الطريقة الملتوية.
كنا في طفولتي نلعب جميعا أمام مخزن بيت شون، وجاء أحد الأطفال بمقص، وقال لنلعب لعبة [جان كن]
অজানা পৃষ্ঠা
4
ومن يهزم نقص له عضوه بهذا المقص. وكنت البنت الوحيدة، بل وكنت أنا أول المنهزمين. أشفق علي شون وحاول منعه، ولكن الطفل الذي يمسك بالمقص لم يرضخ. ومع أنني بكيت بكاء مريرا إلا أن الجميع قيدوا حركتي وأنزلوا بنطالي. وفي تلك اللحظة وضع الطفل الشرير حديد المقص البارد على فخذي (آه ... لقد تذكرت الآن ذلك الملمس البارد المرعب)، وبعد أن بحث بيده اليسرى في جسدي قال: [ما هذا؟! لا يوجد شيء هناك. أنت طفلة مهزومة دائما. فسبق أن قطع من قبل، أليس كذلك؟]
وعندها أخذ الجميع يغنون: [مهزومة، مهزومة، على الدوام مهزومة. زمان، زمان في قديم الزمان، قطع عضوك ولم ينم مجددا.]
وظلت الحسرة والرعب معي بعد ذلك لفترة طويلة، لدرجة أنني كنت أفكر أن أحمل مقصا وأدور به على هؤلاء الأطفال المتنمرين أثناء نومهم ليلا وأقطع به أعضاءهم جميعا.
ثم بعد ذلك موضوع الثور. بعد مرور فترة من حادثة المقص، حدثت في مدينة «قوفو» أن فر ثور هائج في طرقات المدينة بعد أن طعن بقرنه فلاحا في صدره فقتله، وعندما سمعت تلك الواقعة، تخيلت ببراءة الطفولة أن قرون الثور تشبه المقص ، ثم وصل خيالي إلى أنه ما دامت القرون تشبه المقص فهي تشبه أيضا العضو الذكري.
وأنا أعتقد أن تحويل الخيال القاطع ليكون شبيها للمقطوع، أمر يثير الدهشة، ولكنني لم أستطع التوقف عن هذا التخيل. فالمقص في الأصل يحاول قطع هذا؛ لأنه يخاف منه، وعلى الأرجح فإن ذلك الشيء المخيف أيضا في الأصل يشبه المقص، أليس هذا أمرا محتملا أن يتخيله الأطفال في أوهامهم؟
أما ما أخفيته عنك يا دكتور ولم أستطع البوح به، أنني أنا الذي أبدو أنني نشأت في رعاية وعناية شديدتين كطفلة في صندوق جواهر، في الواقع لقد تفتحت عيناي على الجنس في فترة مبكرة جدا. ليس فقط عيناي اللتان تفتحتا، بل لقد رأيت العملية الجنسية نفسها مباشرة أمام عيني.
أعتقد أنني كنت وقتها في الصف الرابع من المرحلة الابتدائية. أخذت إذنا من العائلة، وصحبتني عمتي التي تحبني وترعاني جدا، وذهبنا في رحلة لمدة يومين أو ثلاثة أيام إلى منطقة وادي شوسن. وعندما أفكر في الأمر الآن، كان شاب يقيم في نفس الفندق بعد أن اتفق على ذلك مع عمتي، وفي إحدى الليالي بينما كنت أتظاهر بالنوم، تسلل ذلك الشاب إلى غرفتنا وهو لا يعلم بأنني مستيقظة.
لقد أصابتني صدمة هائلة، ووصلت إلى قرار أنه من الأفضل أن أستمر في التظاهر بالنوم. في البداية لم أصدق أن البشر يقلدون ذلك الفعل الذي تفعله الحيوانات، ولكن ألا ترى الأمر غريبا يا دكتور؟ فمهما قلنا أطفال؛ فحتى الأطفال لديهم ما يقنعون به غريزتهم.
ولكنني كنت أفكر تفكيرا شديد الألم أنه إن كان يجب علي أن أفعل ذلك عندما أكبر، فأنا أكره أن أكبر، وأريد البقاء طفلة كما أنا. وجعلت تلك الواقعة التي كانت في منتهى الثورية عالم الكبار الذي كنت أكن له تبجيلا واحتراما ينهار ويتداعى فجأة من قواعده، وكانت كلمات اللذة التي تجري على لسان عمتي ولسان الفتى بأنفاسهما اللاهثة المتعبة، تبدو لي كأنها حسرة وتجلد ضد الانهزام، ولم أستطع معرفة هل هي حقيقية أم ادعاء.
অজানা পৃষ্ঠা
ماذا يجب على الطفل الذي رأى النقيض التام للأخلاق الحميدة أن يفعل؟ لقد كنت أضع الفخر بأخلاقي الحميدة في موضع الأهمية الكبرى بالنسبة لي؛ ولذا بدأت أحمل تأكيدا أن أي شيء يتعلق بالفعل الجنسي سيجلب لي الخزي والعار. كان يكفيني جدا رؤية وجه عمتي الذي انهار من فوق الوسادة؛ وجه مهمل ومشوه ويمتلئ بالعرق، وجه لا يمكن أن يكون هو وجه عمتي الحنون الذي أعتاد عليه يوميا وإن كان يشبهه، وجه تبرز عليه ملامح البذاءة المتناهية ...
دكتور، أرجو منك أن تعفيني اليوم عند هذا الحد. فلقد تعبت تعبا نفسيا شديدا لأنني فقط كتبت ما كتبته حتى الآن.» ... ... ...
لقد أعدت قراءة تلك الرسالة مرة ثانية بالتفصيل، ثم كتبت ردا عليها، ولكن لم يكن ذلك عملا يمكن القول عنه إن نفسي راغبة فيه؛ لأنني شعرت أن «ريكو» تنبأت بكل إجاباتي وتجهز لها مسبقا ابتسامة صفراء باردة. «لم يظهر ذلك بوضوح في الرسالة ولكن ...» كتبت ذلك أولا على سبيل التهديد ثم أضفت: «إن لديك ذاكرة أخرى في الطفولة تمتلئ بالرعب بخصوص تحريم العادة السرية، وأعتقد أنها تحولت على العكس منها إلى عقدة الإخصاء حيث المقص هو موضوعها الرئيس. إن قصة المقص المقحمة تلك في غاية التقليدية والشيوع، وإن أسأت القول فهي مبتذلة، ولكنني لا أعرف أهي ذاكرة حقيقية مؤكدة لك، أم أنها حكاية مختلقة فيما بعد لسد النقص وإعطاء تفسيرات جنسية بما يلائمك؟
لأكون صادقا، أنا لا أحب ميلك تجاه محاولة إعادة تركيب كل ذكريات الماضي لتكون ذكريات جنسية بسبب الأعراض البادية عليك حاليا. فحتى بالنسبة لقرون الثور؛ فذاكرة طفولتك ليست ذاكرة جنسية، ولكن ربما تكون لها علاقة بإبعادك عن ثدي أمك في فترة الفطام، وإعطائك الطعام بملعقة معدنية مما جعلك تشعرين بعدم الانسجام، والغضب الذي استحثه نموك الظالم من خلال عدم الانسجام هذا. بمعنى أن الثور الهائج يشير إلى غضبك أنت شخصيا من محاولة إبعادك عنوة عن مرحلة الرضاعة.
ولكن من العجيب أن إفصاحك عما في قلبك - بتداعي الذكريات بالتشابه بين المقص والعضو الذكري؛ أي بين القاطع والمقطوع - هو الجزء الأكثر صدقا وحقيقة داخل تلك الرسالة. هنا تكمن جذور قلبك التي لا تستطيع، مهما فعلت، التغلب على الاختلاف الجنسي بين الذكر والأنثى. لسبب ما كنت منغمسة تماما في فكرة قوية لحق المساواة التامة بين الجنسين. ولم تحاولي الاعتراف بقدر الأنثى، وترين أنه من الظلم أن يكون الذكر فقط هو المهاجم، ولديك منذ طفولتك مشاعر عارمة بعدم تقبل الهزيمة من الذكور، ورغبة قوية أن تكون هناك مساواة تامة بين الذكر والأنثى في كل شيء وأي شيء. وعندما أنظر إليك الآن أجدك أنثى طاغية الأنوثة، ولكنني أتوقع أنك في صغرك كنت «أنثى مسترجلة ترتدي بنطالا رجاليا» مثل جورج صاند.
وإن سألنا ما الذي جعلك تفعلين ذلك؟ فأول ما يمكن التفكير فيه هو وجود أشقاء ذكور منافسين لك تجاه أمك.
ألم يكن لك شقيق أصغر تنازعتما بعنف في سلب ثدي الأم أحدكما من الآخر، أو ربما شقيق توءم؟ أرجو أن أسمع منك ردا عن هذا السؤال في الجلسة القادمة.
بعد ذلك تأتي ذاكرة العلاقة العاطفية لعمتك، إن تلك القصة المدرجة في رسالتك ليست إلا مجرد قصة تظهر بوضوح صفة من صفاتك وهي الإفراط في جعل المسائل درامية. كثيرا ما يقال إن مشاهدة الفعل الجنسي لأحد الأقارب يصير جرحا نفسيا بالغ التعقيد، ولكن ليس بالضرورة أن يحدث ذلك دائما. وإضافة إلى ذلك فأنا أعتقد أنك تخفين شيئا ما، ومن تلك التجربة في مشاهدة الفعل الجنسي ثمة شك في أنها ليست المرة الأولى بالنسبة لك وأنت في الصف الرابع من المرحلة الابتدائية.
ربما تستائين مما أقوله، والذي يعتمد تماما على حدسي فقط، ولكن حتى طريقة العلاج بالتحليل النفسي لا ترتكز على استبعاد الحدس استبعادا تاما. فمع أخذ طريقة علمية موضوعية محايدة بقدر الإمكان، فأنا أعتقد أن ما يجمع ذلك دفعة واحدة هو الحدس.
أنا أشتاق إلى الجلسة الثالثة القادمة بيننا.»
অজানা পৃষ্ঠা
9
عندما كنت أفكر وأنا أنظر في التقويم فوق الحائط أن غدا هو موعد لقاء «ريكو»، جاء زائر غريب الأطوار إلى العيادة في فترة بعد الظهيرة حيث صادف أن العيادة كانت خالية من المرضى.
خرجت إلى غرفة الانتظار وأنا أنفخ دخان سيجارتي، أتأمل شاردا عبر النافذة ازدحام المارة في الطرقات، وبوسترا كبير الحجم لدرجة غبية، يعلن عن العرض الأول لأحد الأفلام. ثم أنظر إلى البالونات الإعلانية الكثيرة وهي ترتفع كذلك في سماء مشرقة لعصر يوم خريفي معتدل. إن وسيلة الإعلان البدائية المتمثلة في بالونات الإعلان توجد منذ كنت طفلا، ومع أنني أعتقد أنه قد حان الوقت لكي تذهب تلك الموضة القديمة بغير رجعة، إلا أنها لا تنتهي، مما يشير إلى شدة تأثيرها وفاعليتها الدعائية. منها ما هو مخطط بألوان أبيض وأحمر مقلمة طوليا، ومنها ما هو فضي اللون. منها الأخضر، ومنها الرمادي الباهت اللون. وعندما نظرت إليها وهي تهتز بلا سند تعتمد عليه وسط هواء المدينة الملوث، جعلتني بلا وعي أتذكر مرضاي لسبب غير مفهوم.
في ذلك الوقت دخل شاب طويل القامة دون حتى أن يطرق الباب، مقتحما غرفة الانتظار في مشهد فظ وعنيف. أخذت سريعا وضعية الاستعداد لاحتمال أن يكون أحد المرضى النفسيين الخطرين.
سألني ذلك الشاب الوسيم للغاية، ببشرته السمراء قليلا، بصوت غليظ ذي ضغط شديد: «هل أنت الدكتور شيومي؟» «أجل أنا ...»
أخرج الشاب من جيبه بطاقة اسم فجأة، وأمسك بها بين أصابعه وقدمها لي. «السيد ريوئتشي إغامي ...»
اضطررت إلى قراءة الحروف المطبوعة فوق البطاقة بدون أن أتخلى مطلقا عن وضعية الاستعداد. «أنت تعرف اسمي، أليس كذلك؟ أنا صديق ريكو.» «آه، حقا، هو كذلك.»
عرضت عليه في صمت الجلوس على طرف الأريكة الطولية. «وهل شرفتني بالزيارة لشأن يخص الآنسة ريكو؟» «أجل يا دكتور، أرجو ألا تهتم بها بعد الآن.» «ما معنى لا أهتم بها؟» «إنها تأتي إلى هنا كثيرا، أليس كذلك؟» «مرة واحدة فقط في الأسبوع. ولم تأت إلا مرتين فقط حتى الآن.»
ومثل كلب صيد يحاول أن يشم رائحة سيده، أخذت عينا «ريوئتشي» الدمويتان تنظران هنا وهناك داخل غرفة الانتظار التي لا يمكن وصفها بالواسعة مطلقا. لاحظت أن هذا الشاب - الذي يبدو بصحة جيدة لا غبار عليها - في حالة هياج وثورة عارمة تقترب من أن تكون مرضا. «لذلك أرجو ألا تهتم بها مستقبلا.» «لا أفهم ما تقوله جيدا. إن الآنسة ريكو تأتي فقط لتلقي العلاج ليس إلا.» «لا بأس. إنني أنا أيضا لم أكن أريد أن أفعل ذلك الفعل الشائن. ولكن ...»
بدا عليه التردد والحيرة نوعا ما. ثم بعد ذلك فتح سحابة حقيبته وأخرج منها مفكرة يوميات بغلاف أحمر من الجلد مما تستخدمه النساء. وقلب في صفحاتها بعصبية ثم قال: «هذا!»
অজানা পৃষ্ঠা
ودفع إلي بإحدى الصفحات في حركة وقاحة منقطعة النظير. ولم يكن أمامي إلا أن أمرر عيني على الصفحة المفتوحة تحت أنفي حتى وإن كنت كارها ذلك. كان مكتوبا ما يلي بخط يد «ريكو» الذي اعتدت رؤيته: «يوم
x
من شهر
x .
كانت الجلسة الأولى مع الدكتور «شيومي» كأنها تدغدغ حقا مشاعري بريشة وردية. فقد جعلني الدكتور أنام على المقعد الوثير ثم في البداية أخذ يقبض على يدي بوقار، وهو يكرر أسئلة شكلية مملة، ثم بدأت يده تدريجيا تزحف نحو ذراعي. ولأنني كنت أحس بالدغدغة. ضحكت ضحكة منخفضة الصوت، ولكن منعني الدكتور قائلا: صه، وقام واقفا فأطفأ مصابيح السقف، وجعل الغرفة ليس بها إلا إضاءة مصباح المكتب النيون في ركن الغرفة فقط.
كنت أشعر برائحة جسده مباشرة.
قال الدكتور: «أغمضي عينيك! أغمضي عينيك!»
وعندما أغمضت عيني كان الشيء الثقيل الحار الذي لمس جفوني هو، بلا شك، شفتا الدكتور. نزلت الشفتان ببطء بمحاذاة أرنبة أنفي وفي النهاية غطت فمي الذي كان مفتوحا فتحة ضئيلة من الدهشة.»
10
أثناء قراءتي ليوميات «ريكو» المختلقة، وهذا أمر مخجل لطبيب تحليل نفسي، أعترف أنني فقدت اتزاني وهدوئي بدرجة ما.
অজানা পৃষ্ঠা
فبدلا من هلوسات وخيالات مريضة نفسية توجب التعاطف والشفقة، نجد أنه قد تولد داخلها شر قاس وشديد السواد. ما السبب الذي يجعلها تتحداني بمثل هذه القسوة؟ وحتى سرقة حبيبها ليومياتها، لا يمكن الآن إلا التفكير في أنها كتبت ذلك متعمدة، وهي تتوقع أن يسرقها.
والجزء الذي يلي ذلك كان أكثر فظاعة، وقد أصبحت أنا ذلك الطبيب الشرير الخليع المضحك الذي يظهر كثيرا في أفلام الدرجة الثالثة الرديئة.
أحسست أن «ريوئتشي إغامي» يحدق بغل وغضب تجاهي وأنا أقرأ اليوميات بمشاعر كراهية.
كنت مضطرا وأنا أقرأ أن آخذ وضع التحفز والاستعداد بلا انقطاع حذرا من ذراعي ذلك الشاب المفتولتين. عندما يصبح الوضع هكذا فالإنسان الطبيعي يصبح أخطر من المجنون.
وأنا أوجه عيني جزئيا على صفحات اليوميات الحرة، كنت أفكر في كيفية التعامل مع هذا الموقف العصيب والحرج. كانت ثمة ضرورة في أن أنشغل أنا في هذه اليوميات لأطول فترة ممكنة من الوقت حتى يهدأ الشاب من هياجه. قلبت الصفحات الأولى عدة مرات متتالية محاولا البحث عن عيوب منطقية فيها بدرجة تقنع هذا الشاب على الفور، ولكن لسوء الحظ لم أجد مثل ذلك الشيء، بل تجتاح الإباحية الكلام من أوله لآخره. ولكن استعادت ملامحي اتزانها وهدوءها بالكامل أثناء قراءتي.
قلت لريوئتشي الذي ظل واقفا يحدق في بغضب: «اجلس على الأقل. دعني أشرح لك الأمر بتأن.»
ومع أنه قال: «إنني لا أريد سماع أعذار واهية.» إلا أنه جلس أمامي مما جعل قلبي يطمئن. «على أي حال لم آت إلى هنا لأسمع شرحا منك، ولم آت كذلك للعراك معك. ويجب مسبقا أن أقول بوضوح إنه سيكون أمرا مزعجا لو ظننت أننا ننوي الابتزاز أو أننا نمثل أنها تغويك لتهديدك. أنا فقط هنا لكي أقول لك ابتعد عن ريكو.» «فهمت.»
اجتهدت في أن يكون صوتي لطيفا، ولكنني أحسست أنا نفسي بالاستياء من ذلك؛ إذ إنه ربما تكون نبرة صوتي اللطيفة أكثر من اللازم تشابه الصورة الخليعة التي في اليوميات. «الحقيقة أنني وضعت في موقف يصعب علي جدا شرحه، ولكن الأمر الذي يؤسف له، أنك حكمت على الأمر حكما نهائيا من خلال رؤية وثائق جانب واحد فقط. إن الوثائق الطبية التي لدي، في الأصل، يجب أن تكون في منتهى السرية، ولكنني أريد منك أن تقرأها لكي تكون مرجعا لك في الحكم. وبالتأكيد لك مطلق الحرية في أن تثق في الجانب الذي تريده، ولكن على الأقل ستعرف أن يوميات «ريكو» وتقريري الطبي لهما نفس القيمة الوثائقية من وجهة نظر محايدة. ولك حرية الحكم فيما بعد ذلك. يا كوداما! أحضر لي تقريرا رقم «ن 85» من الملف الثالث.»
أعطيت هذا الأمر لمساعدي بعد أن ضغطت على زر الإنترفون.
وكانت دقائق انتظار وصول التقرير الطبي كأنها دقائق ما بعد انتهاء حادثة ما بالفعل، لم يحاول «ريوئتشي» أن ينظر إلى وجهي مباشرة بل اجتهد في أن يجبر عينيه على النظر خارج النافذة.
অজানা পৃষ্ঠা