فبدلا من هلوسات وخيالات مريضة نفسية توجب التعاطف والشفقة، نجد أنه قد تولد داخلها شر قاس وشديد السواد. ما السبب الذي يجعلها تتحداني بمثل هذه القسوة؟ وحتى سرقة حبيبها ليومياتها، لا يمكن الآن إلا التفكير في أنها كتبت ذلك متعمدة، وهي تتوقع أن يسرقها.
والجزء الذي يلي ذلك كان أكثر فظاعة، وقد أصبحت أنا ذلك الطبيب الشرير الخليع المضحك الذي يظهر كثيرا في أفلام الدرجة الثالثة الرديئة.
أحسست أن «ريوئتشي إغامي» يحدق بغل وغضب تجاهي وأنا أقرأ اليوميات بمشاعر كراهية.
كنت مضطرا وأنا أقرأ أن آخذ وضع التحفز والاستعداد بلا انقطاع حذرا من ذراعي ذلك الشاب المفتولتين. عندما يصبح الوضع هكذا فالإنسان الطبيعي يصبح أخطر من المجنون.
وأنا أوجه عيني جزئيا على صفحات اليوميات الحرة، كنت أفكر في كيفية التعامل مع هذا الموقف العصيب والحرج. كانت ثمة ضرورة في أن أنشغل أنا في هذه اليوميات لأطول فترة ممكنة من الوقت حتى يهدأ الشاب من هياجه. قلبت الصفحات الأولى عدة مرات متتالية محاولا البحث عن عيوب منطقية فيها بدرجة تقنع هذا الشاب على الفور، ولكن لسوء الحظ لم أجد مثل ذلك الشيء، بل تجتاح الإباحية الكلام من أوله لآخره. ولكن استعادت ملامحي اتزانها وهدوءها بالكامل أثناء قراءتي.
قلت لريوئتشي الذي ظل واقفا يحدق في بغضب: «اجلس على الأقل. دعني أشرح لك الأمر بتأن.»
ومع أنه قال: «إنني لا أريد سماع أعذار واهية.» إلا أنه جلس أمامي مما جعل قلبي يطمئن. «على أي حال لم آت إلى هنا لأسمع شرحا منك، ولم آت كذلك للعراك معك. ويجب مسبقا أن أقول بوضوح إنه سيكون أمرا مزعجا لو ظننت أننا ننوي الابتزاز أو أننا نمثل أنها تغويك لتهديدك. أنا فقط هنا لكي أقول لك ابتعد عن ريكو.» «فهمت.»
اجتهدت في أن يكون صوتي لطيفا، ولكنني أحسست أنا نفسي بالاستياء من ذلك؛ إذ إنه ربما تكون نبرة صوتي اللطيفة أكثر من اللازم تشابه الصورة الخليعة التي في اليوميات. «الحقيقة أنني وضعت في موقف يصعب علي جدا شرحه، ولكن الأمر الذي يؤسف له، أنك حكمت على الأمر حكما نهائيا من خلال رؤية وثائق جانب واحد فقط. إن الوثائق الطبية التي لدي، في الأصل، يجب أن تكون في منتهى السرية، ولكنني أريد منك أن تقرأها لكي تكون مرجعا لك في الحكم. وبالتأكيد لك مطلق الحرية في أن تثق في الجانب الذي تريده، ولكن على الأقل ستعرف أن يوميات «ريكو» وتقريري الطبي لهما نفس القيمة الوثائقية من وجهة نظر محايدة. ولك حرية الحكم فيما بعد ذلك. يا كوداما! أحضر لي تقريرا رقم «ن 85» من الملف الثالث.»
أعطيت هذا الأمر لمساعدي بعد أن ضغطت على زر الإنترفون.
وكانت دقائق انتظار وصول التقرير الطبي كأنها دقائق ما بعد انتهاء حادثة ما بالفعل، لم يحاول «ريوئتشي» أن ينظر إلى وجهي مباشرة بل اجتهد في أن يجبر عينيه على النظر خارج النافذة.
অজানা পৃষ্ঠা