মানবিক বিজ্ঞানের সমস্যা: এর নিয়মনীতি ও সমাধানের সম্ভাবনা
مشكلة العلوم الإنسانية: تقنينها وإمكانية حلها
জনগুলি
4
وحصافة فلسفة بوبر للعلوم الطبيعية تأتت بفعل عوامل عديدة، أهمها أن نقطة بدئها كانت ما ينبغي أن يمثل الأساس المكين لفلسفة العلم المنطقية، ولنسق العلم بأسره، ألا وهو تحديد المعيار المنطقي الفاصل بين ما هو علمي، وما هو لا علمي، أي تحديد الخاصة المنطقية المميزة للقضية العلمية، دونا عن أي قضية أخرى تركيبية تتخذ الشكل المنطقي «أ هو ب» وهي لا تحمل خبرا حقيقيا، ولا تقوم بمهام العلوم الإخبارية. يقول بوبر: «بدأ عملي في فلسفة العلم منذ خريف 1919، حينما كان أول صراع لي مع المشكلة، متى تصنف النظرية على أنها علمية؟ أو هل هناك معيار يحدد الطبيعة أو المنزلة العلمية لنظرية ما؟ لم تكن المسألة التي أقلقتني آنذاك متى تكون النظرية صادقة؟ ولا متى تكون مقبولة؟ كانت مشكلتي شيئا مخالفا؛ إذ أردت أن أميز بين العلم والعلم الزائف
وأنا على تمام الإدراك أن العلم يخطئ كثيرا، وأن العلم الزائف قد يحدث أن تزل قدمه فوق الحقيقة.»
5
فتوصل بوبر إلى أن معيار القابلية للتكذيب
Criterion Falsifiability
هو ما يميز العلم دونا عن أي نشاط عقلي آخر، فالخضوع المستمر للاختبار، وإمكانية التفنيد بالأدلة التجريبية هي الخاصة المنطقية المميزة للقضية العلمية دونا عن أي قضية تركيبية أخرى، عبارات العلم التجريبي - أي العلم الذي يعطينا محتوى معرفيا، ومضمونا إخباريا، وقوة تفسيرية شارحة، وطاقة تنبؤية عن العالم الواقعي الواحد والوحيد الذي نحيا فيه، هي فقط التي يمكن إثبات كذبها؛ لأنها تتحدث عن الواقع الذي يمكن الرجوع إليه ومقارنتها به؛ لذلك فهي في موقف حرج حساس، فنجد نظرية بوبر في «منهج العلم» تؤكد مطلب الجرأة، فالجرأة هي فقط التي تمكن من اقتحام المجهول، واكتشاف الجديد، الحقيقة ليست ظاهرة، بل تكمن خلف ما يبدو لنا من العالم، وما يفعله العالم العظيم هو أن يخمن بجرأة، ويحدس بإقدام كيف تكون هذه الحقائق الداخلية الخفية، ويمكن أن تقاس درجة الجرأة بقياس مدى البعد بين العالم البادي وبين الحقيقة المفترضة حدسا، أرسطارخوس وكبرنيقوس عالمان عظيمان؛ لأنهما افترضا أن الشمس هي مركز الكون في حين أن المظهر البادي يقول إنها قابعة في سماء الأرض، غير أن ثمة نوعا آخر من الجرأة لا يتعمق، بل هو متعلق بالمظاهر البادية: إنه جرأة التنبؤ، جرأة المواجهة المسبقة المسئولة مع الواقع، هذا النوع من الجرأة هو الأهم، وهو ما يميز الفرض العلمي بالذات، الفرض الميتافيزيقي يمكن أن يحقق الجرأة بالمعنى الأول، يمكن أن يحدس الحقيقة الكامنة التي لا تبدو للعيان، لكن لا يمكن أن يحقق الجرأة بالمعنى الثاني، لا يمكن للفرض الميتافيزيقي الخروج بمشتقات أو التنبؤ بوقائع تجريبية تحدث أمامنا في العالم التجريبي، وقابلة للملاحظة، إنه لو فعل هذا لتعرض لمخاطرة كبيرة، مخاطرة الاختبار والتفنيد، ومن ثم إمكانية التكذيب، مخاطرة التصادم مع الخبرة، إنها مخاطرة لا يقوى عليها إلا العلم؛ لذلك نكتشف كل يوم أخطاء بعض من نظرياته، فنتركها ونصل إلى الأفضل، فبفضل إمكانية التكذيب كان العلم التجريبي هو البحث المطرد التقدم، فإمكانية تكذيب العبارات العلمية هي قابليتها الشديدة للنقد والمراجعة؛ لأن تترك وتحل محلها عبارات أفضل. من هنا كان رفضنا فيما سبق لنظرية التراكم في تفسير طبيعة التقدم العلمي، والأخذ بالنظرية المضادة لها؛ أي الثورية. ومن هنا أيضا رأى بوبر أن تكون الجرأة من النوع الثاني، والبعد المنهجي الذي يقابلها؛ أي الاستعداد للبحث عن الاختبارات والتفنيدات هي ما يميز العلم التجريبي - البعد المنطقي والبعد المنهجي هما وجها عملة التكذيب الواحدة - حيث إن القابلية للتكذيب هي ذاتها القابلية للاختبار
Testability ، الاختبار التجريبي بالطبع.
والقابلية للاختبار قد ترتبط بالقابلية للتحقيق
Verifiability ، ولكن الخاصة المنطقية المميزة للعبارة وللنظرية العلمية هي إمكانية التكذيب؛ أي التفنيد والنفي، وليس مجرد التحقيق، مثلا العبارة «السماء ستمطر غدا» عبارة علمية؛ لأنها قابلة للاختبار التجريبي بمجيء الغد، وقد تمطر السماء؛ أي قد نتحقق منها، ولكن ليس هذا هو المناط في علميتها، بل المناط في إمكانية ألا تمطر السماء غدا. إمكانية تكذيبها وهي إمكانية قائمة خاصة منطقية لها، وبالبحث عن التكذيب، وليس التحقيق يمكن استبعاد عبارات مثل «غدا قد تمطر السماء أو لا تمطر»، وهي واجبة الاستبعاد؛ لأنها لا تعطينا محتوى إخباريا، فهي تحصيل حاصل من الصورة المنطقية (ق 7 ق)؛ أي (إما ق أو لا ق).
অজানা পৃষ্ঠা