মরুঝ আল-ধাহাব ওয়া-মা'আদিন আল-জওহর
مروج الذهب ومعادن الجوهر
ويقال: إن المنارة إنما جعلت المرآة في أعلاها؟ لأن ملوك الروم بعد الإسكندر كانت تحارب ملوك مصر والإسكندرية، فجعل من كان بالإسكندرية من الملوك تلك المرآة تري من يرد في البحر من عدوهم، إلا أن من يدخلها يتيه فيها إلا أن يكون عارفا بالدخول والخروج فيها لكثرة بيوتها وطبقاتها وممارقها، وقد ذكر أن المغاربة حين وافوا في خلافة المقتدر في جيش صاحب المغرب دخل جماعة منهم على خيولهم إلى المنارة فتاهوا فيها، وفيها طرق تؤول إلى مهاو تهوي إلى سرطان الزجاج، وفيها مخارق إلى البحر فتهؤروا بدوابهم، وفقد منهم عدد كثير، وعلم بهم بعد ذلك، وقيل: إن تهورهم كان في كرسي بها قدامها، وفيها مسجد في هذا الوقت يرابط فيه في الصيف متطوعة المصريين وغيرهم.
ولبلاد مصر والإسكندرية والمغرب وبلاد الأندلس ورومية وما في الشرق واليمن والمغرب أخبار كثيرة في عجائب البلدان والأبنية والآثار وخواص البقاع وما يؤثر في ساكنيها وقطانها أعرضنا عن ذكرها؟ إذ كنا قد أتينا على الأخبار عنها فيما سلف من كتبنا من عجائب العالم وحيوانه وبره وبحره، فأغنى ذلك عن إعادة ذكره.
ولم نتعرض فيما سلف من هذا الكتاب لذكر بيوت النيران والهياكل المعظمة والبيوت المشرفة وغير ذلك مما يليق بمعناها، بل نذكرها في الموضع المستحق لها من هذا الكتاب، إن شاء الله تعالى.
/بسم الله الرحمن الرحيم
ذكر السودان وأنسابهم واختلاف أجناسهم وأنواعهم وتباينهم في ديارهم وأخبار ملوكهم
ولد كوش بن كنعان ومساكنهم
قال المسعودي: ولما تفرق ولد نوح في الأرض سار ولد كوش بن كنعان نحو المغرب حتى قطعوا نيل مصر، ثم افترقوا فسارت منهم طائفة ميمنة بين المشرق والمغرب وهم النوبة والبجة والزنج، وسار فريق منهم نحو المغرب وهم أنواع كثيرة نحو الزغاوة والكانم ومركه وكوكو وغانة وغير ذلك من أنواع السودان والدمادم، ثم افترق الذين مضوا بين المشرق والمغرب، فصارت الزنج من المغير والمشكر وبربرا وغيرهم من أنواع الزنج، وقدمنا فيما سلف عند ذكرنا للبحر الحبشي، الخليج البربر في وما عليه من أنواع السودان واتصالهم في ديارهم إلى بلاد الدهلك والزيلع وناصع، وهؤلاء القوم أصحاب جلود النمور الحمر وهي لباسهم، ومن أرضهم تحمل إلى بلاد الإسلام، وهي أكبر ما يكون من جلود النمورة وأحسنها للسروج، وبحر الزنج والأحابش هو عن يمين بحر الهند، وإن كانت مياههما متصلة، ومن أرضهم يحمل الذبل من ظهور السلاحف، وهو الذي تتخذ منه الأمشاط كالقرون، وأكثر ما تكون الدابة المعروفة بالزرافة في أرضهم، وإن كانت عامة الوجود في أرض النوبة دون سائر بلاد الأحابش.
الزرافة
পৃষ্ঠা ১৬৮