ذاب نفوذ المراجع الدينية عندما اتقدت نار الرشوة في الجبل، ومن هنا كان يهب الخصام بين الإكليروس وأكثر المتصرفين؛ أولئك يريدون أن يشغل أبناؤهم الروحيون مناصب المتصرفية، والمتصرفون يهمهم قبض أكبر مبلغ ممكن من المال للجخ ودعم المركز، فالمعتمدون على النفوذ لا يدفعون، ومن لا يدفع لا يصل ...
عفوا نسينا النعوة، فأنا عرفت مدير ناحية كان يقبض هو وضابطيته إذا حضر دفن وجيه، وكان يتفق مع الناعين على المبلغ قبل أن تتحرك ركابه.
واقتطعوا مرة شيئا من المبلغ المتفق عليه، فصار الدفع سلفا.
قد يقال: أي فائدة كانت لأولئك الناس حتى يدفعوا ثمنا موجعا لموظف يؤاسيهم ويعزيهم في فقيد؟ وأي شأن للمختار حتى يشتري مركزه هذا وذاك؟
قلنا: ثابت في علم النفس أن الإنسان - مهما كان شأنه - يريد أن يكون شيئا مذكورا، ومن هنا كان تهافت اللبنانيين على مثل هذه الشئون التافهة.
إن جشع كوبليان لا يدانيه إلا جشع كوبليان. كان إذا عدم الرزق لامتلاء المراكز - وقد كانت محدودة لا يستطاع خلقها مثل هذه الأيام - لجأ إلى خلق دعاوى خطيرة؛ مثل سب دين السلطان وغيرها؛ فيتدفق عليه المال من الأغنياء البسطاء الذين يخوفهم بهذه التهم.
الخلاصة: كان ذلك الرجل نباش ينابيع، فتنبثق من تحت يده فوارة غزيرة.
حلق للبلاد «على الناشف ونظف»، فنبتت اللحى قليلا في عهد نعوم باشا، فخلفه مظفر ونتفها نتفا .
إن لابتزاز المال طرقا جهنمية، كان يجيدها الموظفون الذين عملوا «الستاج» في العاصمة الشاهانية.
ولذلك قال إبراهيم اليازجي في قصيدته التي مطلعها «دع مجلس الغيد الأوانس»:
অজানা পৃষ্ঠা