মুখতারাত মিন কিসাস কাসিরা
مختارات من القصص القصيرة
জনগুলি
بعد ذلك بنحو عشر سنوات حكى لي آرمتيدج القصة في تلك الأمسية في غرفة التدخين في النادي. كانت السيدة إيفريت قد تعافت لتوها من حمى روماتيزمية حادة، أصيبت بها في الربيع السابق في باريس. أما السيدة كاملفورد، التي لم ألتقها قبل زواجها، فقد بدت لي بالتأكيد واحدة من أجمل من رأيت في حياتي من النساء. وأرى أن السيدة آرمتيدج، التي كنت أعرفها قبل زواجها، قد أضحت تتمتع بجاذبية تفوق ما كان لديها في شبابها. لم أستطع أبدا أن أفهم ما الذي جذبها إلى آرمتيدج. بعد نحو عشر سنوات من تلك الأمسية في النادي، سطع نجم كاملفورد في عالم الشعر، لكن المسكين لم يعش طويلا ليتمتع بشهرته. أما ديك إيفريت فلا يزال أمامه ست سنوات أخرى من العمل كي يسدد ديونه، بيد أنه حسن السلوك، ويقال إن التماسا سوف يقدم للعفو عنه.
أعرف أنها قصة عجيبة من أولها إلى آخرها. وكما قلت في البداية، أنا نفسي لا أصدقها.
روح نيكولاس سنايدرز أو بخيل زاندام
في سالف الأيام، عاش في مدينة زاندام، التي تقع بالقرب من خليج زويدر زي، رجل شرير يدعى نيكولاس سنايدرز. كان رجلا بخيلا وقاسيا، وغليظ الطبع، ولم يهو في هذا العالم سوى شيء واحد؛ ألا وهو الذهب. وحتى الذهب لم يكن يحبه لذاته. بل أحب السلطة التي كان الذهب يمنحها له؛ سلطة ممارسة الظلم والقهر، سلطة التسبب في معاناة الخلق متى شاء. قال الناس إنه بلا روح، لكنهم أخطئوا في ذلك. فجميع الرجال يملكون روحا، أو بالأصح تمتلكهم أرواحهم؛ وروح نيكولاس سنايدرز كانت روحا شريرة. كان يعيش في طاحونة هوائية قديمة لا تزال قائمة على المرسى، حيث تخدمه فقط الفتاة كريستينا وتتولى جميع المهام المنزلية. كانت كريستينا فتاة يتيمة، مات والداها وهما مدينان. كان نيكولاس قد برأ ذمتهما، ولم يكلفه ذلك سوى بضع مئات من الفلورين، في مقابل أن تعمل كريستينا لديه دون أجر، وكان ذلك جميلا لم تنسه كريستينا أبدا. كانت كريستينا هي جل أهل بيته، ولم يكن يزوره أحد، طوعا، سوى الأرملة تولاست. كانت السيدة تولاست غنية، وكادت أن تضاهي نيكولاس في البخل. وذات مرة سألها بصوته الأجش: «لم لا نتزوج أنا وأنت؟» ثم أضاف: «إذا وحدنا قوانا فسوف نصير سادة زاندام كلها.» أجابته السيدة تولاست بضحكة مجلجلة، لكن نيكولاس لم يكن متعجلا أبدا.
وفي عصر أحد الأيام، كان نيكولاس سنايدرز جالسا وحده إلى مكتبه، في مركز الغرفة الكبرى الشبه الدائرية التي شغلت نصف الطابق الأرضي من الطاحونة الهوائية، والتي كانت بمنزلة مقر عمله، عندما سمع طرقات على الباب الخارجي.
صاح نيكولاس سنايدرز قائلا: «ادخل.» بيد أن نبرة صوته كانت ألطف كثيرا من نبرته المعتادة. إذ كان متيقنا بشدة من أن الطارق هو يان، يان فان دير فورت، البحار الشاب، الذي امتلك سفينة لتوه، والذي جاء طالبا يد كريستينا. وبينما جلس نيكولاس يترقب هذا اللقاء، كان يتلذذ بتخيل البهجة التي سيشعر بها عند تحطيم آمال يان، عند سماع توسلاته ثم هذيانه الغاضب، عند مشاهدة الشحوب وهو يغزو وجهه الوسيم تدريجيا بينما يوضح له نيكولاس، تفصيلا، عواقب تحدي إرادته؛ فأولا سوف يطرد أم يان العجوز من منزلها، وسيودع أباه العجوز في السجن لما عليه من ديون؛ وثانيا، سينزل انتقامه بيان نفسه دون ذرة ندم، فسيبتاع السفينة التي ينوي شراءها قبل أن يتم صفقته. كان اللقاء المرتقب مع يان تسلية تلائم روح نيكولاس الدنيئة. ومنذ أن عاد يان أمس، كان نيكولاس يتطلع إلى هذا اللقاء. لذا، تخللت البهجة صوته عندما صاح: «ادخل»؛ إذ كان متأكدا أن القادم هو يان.
لكن القادم لم يكن يان. كان شخصا لم يره نيكولاس سنايدرز قبلا. ولم يكن ليراه مجددا بعد هذه الزيارة الوحيدة. كان ضوء النهار آخذا في التلاشي، لكن نيكولاس سنايدرز لم يكن ليضيء الشموع قبل حلول الظلام التام، لذا لم يستطع قط وصف مظهر الغريب بأي وجه من الدقة. بدا له رجلا عجوزا، لكن جميع حركاته كانت توحي بالتيقظ والانتباه؛ أما عيناه، وهما الشيء الوحيد الذي رآه نيكولاس بقدر من الوضوح، فكانتا ثاقبتين ومتقدتين ببريق غريب .
سأله نيكولاس سنايدرز، دون أن يبذل جهدا لإخفاء إحباطه: «من أنت؟»
أجابه الغريب: «أنا بائع متجول.» كان صوته واضحا، لا يخلو من رخامة، ومن مسحة ضئيلة من الخبث.
رد نيكولاس سنايدرز بجفاء: «لا أريد شيئا.» ثم أضاف: «اخرج وأغلق الباب خلفك، وانتبه لعتبة الباب في طريقك.»
অজানা পৃষ্ঠা