فكان الذي عجله الله له من المغانم ما أفاءه الله على المسلمين، وفتحه عليهم من أرض المشركين وديارهم وأموالهم، إلى الوقت الذي أنزل الله هذا فيه، ثم وعد الله المؤمنين ما لم يكونوا يقدرون عليه، ولا صار في أيديهم حينئذ، فقال: {وأخرى لم تقدروا عليها قد أحاط الله بها} (¬1) ، أي أنها سيفتحها عليكم، ويمكنكم منها بلطفه لكم، ونصره إياكم، فكان الأمر في ذلك كما قال بالظهور على مكة، وعلى فارس والروم، وبفتوح الشام والعراق، وغير ذلك من البلدان، وما أفاءه الله من أموال المشركين.
... ومما يشهد لنبوته ... _صلى الله عليه وسلم_ من القرآن أيضا: ما كان من وعيد الله لرجال من الكفار، مسمين بأعيانهم بالخزي في عاجل الدنيا، مع عذاب الآخرة، فجاءت الأخبار فيهم من الله بأنهم يصيرون إلى النار، فلم يسلم منهم أحد، وقد صنع مثل صنيعهم قوم علم أنهم يدخلون في الإسلام، فلم يأت إليه من عند الله فيهم خبر بعذاب، ولا ختم عليهم به. وكان مما أنزل الله من القرآن بمكة مما أجمع العلماء أنه أول قرآن أنزل بمكة قوله: {اقرأ باسم ربك} (¬2) ، فقال فيها: {كلا لئن لم ينته لنسفعا بالناصية، ناصية} (¬3) قالت خديجة (¬4) :
¬__________
(¬1) - سورة الفتح، آية رقم 21.
(¬2) - سورة العلق، آية رقم 1.
(¬3) - سورة العلق، آية رقم 15، 16.
(¬4) - هي خديجة بنت خويلد بن أسد بن عبد العزى، ولدت سنة 68 ق ه، 556م بمكة، ونشأت بها، وكانت ذات مال كثير تتاجر به، تزوج بها النبي _صلى الله عليه وسلم_ قبل النبوة فولد له منها القاسم، وعبد الله، ورقية، وأم كلثوم، وزينب، وفاطمة، وهي أول من أسلم من النساء، ساعدت النبي في الشدة وآزرته، توفيت عام 3 ق ه / 620 م.
راجع صفة الصفوة 2/2، طبقات ابن سعد 8/ 7 11، الإصابة ت 333.
পৃষ্ঠা ৭৪