الآية، فلما أن ظهر عجزهم على أن يأتوا بمثله، أو بعشر سور (¬1) مثله، أو بسورة واحدة من مثله (¬2) أثبت عليهم الحجة وقطع معاذيرهم، فقال لرسوله وللمؤمنين: {فإن لم تستجيبوا لكم فاعلموا أنما أنزل بعلم الله} (¬3) لا بعلم البشر، ففي عجز أولئك القوم، وهم أهل الفصاحة والبلاغة، مع ما هم فيه من شدة الحرص، والاجتهاد في التكذيب للنبي عليه السلام، والرد على الإتيان بمثل ما أتى به _صلى الله عليه وسلم_ أعظم الحجة، وأثبت الدلالة، وأقطع لمعاذيرهم ومعاذير غيرهم من الناس، ممن هو في زمانهم، ومن بعدهم إلى يوم القيامة، مع ما في القرآن من أخبار الغيوب (¬4) ،
¬__________
(¬1) - قال تعالى: {قل فأتوا بعشر سور مفتريات وادعوا من استطعتم من دون الله إن كنتم صادقين} (سورة هود:13).
(¬2) - قال تعالى: {وإن كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا فأتوا بسورة من مثله} (سورة البقرة:23).
(¬3) - سورة هود، آية رقم 14، وتكملة الآية { وأن لا إله إلا هو فهل أنتم مسلمون}.
(¬4) - الغيب: مصدر غائب الشمس وغيرها، إذا استترت عن العين، يقال: غاب عن كذا، قال تعالى: {أم كان من الغائبين}، واستعمل في كل غائب عن الحاسة، وهما يغيب عن علم الإنسان بمعنى الغائب، قال تعالى: {وما من غائبة في السماء والأرض إلا في كتاب مبين}، ويقال للشيء غيب وغائب باعتباره بالناس لا بالله تعالى، فإنه لا يغيب عنه شيء، كما لا يعذب عنه مثقال ذرة في السماوات ولا في الأرض. وقوله تعالى: {عالم الغيب والشهادة} (سورة الزمر: 46)، أي ما يغيب عنكم وما تشهدونه. والغيب في قوله تعالى: {يؤمنون بالغيب} (البقرة: 2) ما لا يقع تحت الحواس ولا تقضيه بداية العقول، وإنما يعلم بخبر الأنبياء عليهم السلام، وبدفعه يقع على الإنسان اسم الألحاد..
পৃষ্ঠা ৫৭