... فقد فرغنا من الكلام في إقامة الدلائل على حدوث العالم وإثبات المحدث، ومن الأجوبة لمن سألنا في ذلك، ومن نقض أقاويل الدهرية وأصحاب الاثنين، وتبيين فساد ما ذهبوا إليه، بالذي هو كاف عما لم نذكره من ذلك، والله ولي التوفيق.
القول في إثبات الرسالة للرسل صلى الله عليهم، والرد على من لم يثبتها.
... وأما الأصل الثالث من أصول الملحدين: فهم الذين أقروا بحدوث العالم، وإثبات الصانع، ثم اختلفوا بعد ذلك في تثبيت الرسالة وإبطالها على ما سنذكره فيما بعد، إن شاء الله.
الفصل الأول من ذلك: مذهب البراهمة (¬1) :
¬__________
(¬1) - برهم: هو المعبود الأول والأكبر عند الهنود، وهو عندهم أصل كل الموجودات، واحد غير متغير، وغير مدرك، أزلي مطلق، سابق كل مخلوق، خلق العالم كله بمجرد ما أراد دفعة واحدة بقوله: "أوم"، أي كن، وعلى ذلك يكون برهم تشخيصا لكل القوى الباطنة والظاهرة للطبيعة، وكثيرا ما يجعلون اسم برهم اسما للأقانيم الثلاثة المؤلف منها ثالوث الهنود في: "برهما" و"شنو" و"سيوا"، ويقال لبرهم: "سوايمبواي"، أي القائم بذاته، ويسمى أيضا "سرفان آلباران"، ومعناه الأزل؛ لأن هذه الكلمة في الكتب الفارسية المعروفة بالزند، معناه الزمان غير المحدود أو الأبدية. والخلاصة انه يراد بذلك السرمدي، ويسمى أيضا "برامند"، أي أبا المخلوقات.
أصحاب الرتبة الأولى من عبدة برهم الهنود الذين ولدوا من برهان بن برهما قيل: إن أصلهم من سلالة رؤساء الهند الفاتحين؛ لأنهم كانوا الرتبة الشريفة العلمية في إيران، وكان بعضهم يتكهن فسموا بذلك، من: "بر" الفارسية ومعناها فوق، و"مان" ومعناها رجل حكيم.
والبراهمة: كهنة الهنود وحكماؤهم وعلماؤهم ورؤساء الدين والعلم والأدب، ويشتغلون بالصلاة والتسبيح، والطب والتنجيم، وهم قليلو الكلام، لا يأكلون لحم الحيوان، بل يقتصرون في قوتهم على النبات والثمار ولبن البقر والأرز، ويكثرون الصوم.
والبراهمة: يعتقدون خلود النفس والتناسخ.
وعدد البراهمة في آسيا يقارب المائتي مليون نسمة، يسلم منهم في كل عام خلق كثير.
راجع دائرة المعارف للبستاني: 5/375 377 بتصرف، ودائرة معارف القرن العشرين 2/154 164.
পৃষ্ঠা ৪৭