فجعلتم دعواكم دليلكم، بل لو رجعتم إلى ما شاهدتم من ذلك لعلمتم أن هذا العالم غير قديم، ولقضيتم عليه بالحدوث؛ لأنكم لم تزالوا من حين ما شاهدتموه ترون فيه جائيا حادثا، وذاهبا فانيا، وهل نفس الحدوث إلا وجود الشيء بعد عدمه؟ أو هل نفس الفناء إلا بطلان الشيء بعد وجوده؟ فإن قالوا: إنه يستحيل في أوهامنا أن يحدث شيء من غير شيء، قيل لهم: وكيف يستحيل في أوهامكم أن يحدث شيء لا من شيء، ولم يستحل أن يوجد شيء لم يكن قبل وجوده؟ أم كيف يستحل ما ذكرتم من حدوث شيء من غير شيء، ولا يستحيل فناؤه إلى غير شيء؟ فلما أن وجدنا شيئا أو أشياء تفنى إلى غير شيء، ولو لم يتصور ذلك في أوهامنا علمنا أنها تحدث من غير شيء، ولو لم يتصور حدوثها في أوهامنا، وقد مضى القول في حدوث العالم، والدلالة على ذلك في أول كتابنا بما هو مقنع إن شاء الله، وبه الحول والتوفيق.
الرد على المنجمين (¬1) :
¬__________
(¬1) - إن النجوم أجسام وصور مركبات تحركها القدرة، وما كان هذا سبيله كان محدثا، والمحدث لا يكون محدثا للحوادث. والدليل على أن النجوم حادثة: انتقالها من برج إلى برج، فإن صح أن النجوم محدثات لم يجز أن يكون لها أفعال؛ لأن المحدث لا يفعل في غيره شيئا، ولا يوجد عدما، ولا يعدم وجودا، فبطل أن يكون للنجوم تأثير في إيجاد ما يوجد، وإعدام ما يعدم. وإذا كان هذا حال النجوم فإن حال المنجمين كذلك، والله أعلم. راجع كتاب النور ص36. بتصرف للعالم الفقيه بن أبي عبد الله الأصم.
পৃষ্ঠা ২০