من الكلام دون المعقول، وعلى السائغ في صفة الله تعالى واللائق به، والجائز في لغة العرب مما تقتضيه دلالة القياس دون عبارة اللفظ، ويؤكده ما سواه من نص القرآن، الذي لا يعتريه تحريف التأويل، ولا يعارضه منحول التفسير، ولو حملت جميع هذه الآيات التي تلوتموها، والأحاديث التي رويتموها على أظهر ظاهرها لخرجت إلى أفحش الفحش من الكلام، وأقبح القبيح من المقال، فما لا يقول به أحد من الناس، ولا يجوزه مشبه ولا غير مشبه، فإذا تناظرت الأخبار، وتقاومت المعاني رجع بها إلى أسوغها في صفة الله تعالى، وأليقها به في عدله عز وجل وحكمته، وأولاها بمخاطبة العرب فيما بينها في كلامها، ويحمل جميع ذلك على ما تقتضيه دلالة القياس التي لا يكذب مثلها، ولا يتناقض معناها؛ إذ لا يكون في أخباره جل جلاله تكاذب، ولا في كلامه عز اسمه تناقض، وهكذا الجواب لهم، والكلام عليهم في جميع ما يتعلقون به من هذه المعاني، فحين نبهتكم على ذلك عرفتم عامته إن شاء الله، فهذه المعارضة أصل لكل هذا الكلام الذي يدور بيننا وبين هؤلاء القوم في تأويل جميع ما ذكروه، وما لم يذكروا مما هو مشبه لما ذكروا، فينبغي أن يكون محفوظا، ويتخذ أصلا وإماما، وإن نظرت فيه وجدته كما وصفت لك إن شاء الله.
مسألة الاستواء:
رجع الكلام إلى الاعتلال بالاستواء وما يدور به، فأول ذلك أن قول القائل: "كذا وكذا على كذا وكذا" يتجه على وجوه كثيرة، فمنها قوله تعالى: {فإذا استويت أنت ومن معك على الفلك} (¬1) وهذا على معنى الالتزاق والفوق، ووجه آخر كقوله: {وعلى الوارث مثل ذلك} (¬2) وهذا مثل قولهم: على دين وعليه ندر، ووجه آخر كقوله: {سلام عليكم بما صبرتم} (¬3) أي وأنتم في سلام وسلامة، وهذا كقول الشاعر:
¬__________
(¬1) سورة المؤمنون آية رقم 28.
(¬2) سورة البقرة آية رقم 233.
(¬3) سورة الرعد آية رقم 24.
পৃষ্ঠা ১২৪