ولذلك قالت الفلاسفة إن العالم الأرضي متصل بالعالم السماوي وبحركاته اضطرارا فلذلك صار من قوة العالم السماوي والحركات السماوية ينفعل في هذا العالم الأرضي الأشياء الكائنة والفاسدة بإذن الله وذلك لأن الفلك الأعلى محيط بهذا العالم ويتحرك على هذا العالم بما فيه من الكواكب حركة مستديرة دائمة فبتحريكه الدائم للكواكب وبحركة الكواكب على هذا العالم ينفعل في هذا العالم الأرضي المتصل بها الحرارة ويحمى فإذا حمي هذا العالم لطف وتحرك وحدث بحركتها في هذه الأجسام الاستحالة من بعضها إلى بعض وصار فيها الكون والفساد بإذن الله تعالى فعلى هذه الجهة يكون للأجرام العلوية فعل وتدبير في هذا العالم الأرضي وأيضا فلأنه ليس في الحركات حركة تامة ما خلا الحركة المستديرة لأن المتحرك حركة مستديرة لا تسكن لأنه لا ابتداء ولا نهاية لحركته والأشياء التي تتحرك حركة مختلفة غير تامة لها غايات فإذا انتهت إلى غاية المكان الذي تتحرك فيه سكنت وهي بعضها منفردة من بعض لحال غاياتها ولأن لحركتها نهاية فبالاضطرار أن يكون لها ابتداء فلما كانت الأجرام العلوية أعني الفلك والكواكب محيطة بهذا العالم وتتحرك على هذا العالم حركة مستوية مستديرة تامة على نضد وترتيب معلوم معروف وكانت هذه الأجسام التي هي دون فلك القمر لها حركتان أحدهما مستقيمة غير تامة بها تطلب الغايات والمكان فإذا انتهت إلى غاياتها سكنت وذلك كحركة النار والهواء ئلى إلى فوق وكحركة الأرض والماء ئلى إلى أسفل والأخرى حركة مستديرة بها تستحيل وتنتقل بعضها إلى بعض فلذلك كانت تلك الأجرام العلوية المحيطة بهذا العالم التي تتحرك حركة تامة تحرك هذه الأجسام الأرضية التي تتحرك حركة مختلفة وصارت علة حركة هذه الأجسام الأرضية من قبل حركة الأجرام السماوية والقوة التي تصل إلى هذه الأجسام الأرضية هي من قبل تلك الأجرام السماوية ومن تحريك الأجرام العلوية للأجسام الأرضية صارت الأجسام الأرضية تنتقل وتستحيل بعضها إلى بعض لأن بعضها في بعض بالقوة وباستحالة بعضها إلى بعض يحدث الكون والفساد في هذا العالم بإذن الله
পৃষ্ঠা ৮২