মুধাক্কারাত জুঘরাফিয়্যা
المذكرات الجغرافية في الأقطار السورية
জনগুলি
Les phéniciens et l’Odyssée : «إن جغرافية منظومة أوميروس الأوديساة مبنية غالبا على المعلومات التي استفادها ذلك الشاعر المفلق من الفينيقيين.»
ثم استشهد لتأييد قوله بالجغرافي سترابون؛ حيث قال: «إن الفينيقيين أرشدوه إلى معرفة وصف البلدان»
οί γάρ Φοίνιχες έδήλουν τοũτο ، وكتاب المسيو بيرار مشحون بالتفاصيل والأدلة المثبتة لسيطرة الفينيقيين على البحار (اطلب المشرق 9: 234).
ولما أراد سناحريب ملك آشور أن يجهز لدولته أسطولا بحريا في الخليج العجمي، لم يجد من يقوم بعمله غير الفينيقيين، قال في إحدى كتاباته: «قد أقمت في نينوى رجالا من الحثيين (وكان الحثيون من سكان سورية)، أسرهم قوسي، فعمروا لي مراكب كبيرة على مثال بلادهم، فجهزتها بالملاحين الصوريين والصيدويين الذين قبضتهم يدي.»
وقد حفظ أهل فينيقية السيادة على البحار حتى في عهد اليونان بعد فتوحات الإسكندر الذي جرى على مثال سناحريب في تجهيز المراكب، وقلما تجد في تواريخ اليونان كاتبا يذكر سفينة لا يكون ربانها سوريا أو فينيقيا.
السوريون دعاة الدين
هذا ولأهل الشام فخر آخر غير المفاخر السابقة؛ فإنهم ليس فقط توسطوا بين الدول القديمة المتمدنة والأمم التي منها اشتقت الشعوب المستحدثة، لكنهم أيضا نالوا امتيازا آخر، فدعاهم الله لتربية العالم الأدبية والدينية، فصاروا متوسطين بين الله والإنسان، ومن هذا القبيل كانوا هم السابقين، لم يأخذوا الأمر من سواهم، نعم، إن التمدن البابلي والمصري كان بلغ في الصنائع والفنون مبلغا عظيما، والفينيقيون استفادوا من ذلك وأفادوا غيرهم، لكن الفراعنة وملوك آشور كانوا من حيث الآداب والأخلاق بعيدين عن الكمال، لا يعرفون من العدل والرحمة غير اسمها، فيستسلمون للجور، ويعتبرون أنفسهم بمثابة آلهة، يتصرفون برعاياهم كيف شاءوا، لا يبالون بما ينتظرهم لدى الديان من المسئولية عن أعمالهم، وإن كان من بعدهم قد غلب على الشعوب التالية روح الدماثة، وأضحى التمدن الجديد مبنيا على العدل والمحبة، فالفضل في ذلك إلى المستشرعين الصالحين، وإلى الرسل القديسين، وإلى الأنبياء الأبرار الذي نشئوا في سورية فلسطين، وبالأخص إلى ذاك الذي كان أكبر من المشترعين، وأشرف من الأنبياء، المسيح ابن الله، فإن لاهوت الخالق وصفاته العجيبة لم تظهر في مكان من الأرض ظهورها في سورية فلسطين، فلاح نور التوحيد فيها، ومنها امتد إلى بقية الشعوب، فأدخلها في طور جديد من الترقي والفلاح؛ ولذلك ترى عيون الإنسانية متجهة منذ ألفي سنة إلى تلك البلاد مهد الأديان الموحدة؛ حيث جرت أحداث التوراة الخطيرة، وتجلى الحق سبحانه لعباده فغيرت أنواره هيئة المجتمع الإنساني.
فقد أصاب من دعا سورية فلسطين أرضا مقدسة، كيف لا وفيها حدثت أعجب العجائب، وبها تنوط ذكرى أشرف الأعمال وأعظم الرجال؟ بحيث يصح القول عنها إنه ليس فيها شبر إلا وقد صلى فيها نبي، ولو اعتبرت أخبار الإنجيل الطاهر وحدها وجدت أربعة أخماسها قد جرت في الجليل، وليست بلاد الجليل إلا قسما من سورية متصلا بفينيقية الجنوبية، وطالما دخل الجليل في حيزها وتبعها في حكمها ونظامها، ولو بحثت عن مواطن الرسل الحواريين لوقفت عليها في سواد عكا وصور، وكان لهاتين المدينتين مراكز تجارية في كل ساحل فلسطين، وكما أن العهد القديم في سفر الملوك الرابع (17: 19) قد اتسع في أعمال إيليا النبي في تخوم صور، كذلك يروي العهد الجديد آثار ابن الله في سواحل فينيقية بين أهلها الكنعانيين، وزد على ذلك أن الكنائس المسيحية الأولى قد نشأت في أواسط سورية وشمالها، وأن اسم النصارى شاع أولا في أنطاكية، وقد صارت تلك الكنائس كمثال حذا حذوه من أتى بعدها، وعليه يستحق السوريون هنا أيضا - وبنوع أحرى - أن يدعوا سماسرة الآداب ودعاة الدين، فتقدموا على اليونان والرومان الذين مشوا على آثارهم في دعوة العالم إلى المسيح.
24
قال منتلمبرت الخطيب الشهير في كتابه عن نساك الغرب
অজানা পৃষ্ঠা