মুক্তামিদ ইবন আব্বাদ
المعتمد بن عباد: الملك الجواد الشجاع الشاعر المرزأ
জনগুলি
3
فإن المعتمد اشتغل عن أداء الضريبة في الوقت الذي صارت عادته يؤديها فيه بغزو ابن صمادح صاحب المرية واستنفاذه ما في يديه بسبب ذلك؛ فتأخر لأجل ذلك أداء الإتاوة عن وقتها، فاستشاط الطاغية غضبا وتشطط فطلب بعض الحصون زيادة على الضريبة، وأمعن في التجني فسأل في دخول امرأته القمطيجة إلى جامع قرطبة؛ لتلد فيه من حمل كان بها؛ حيث أشار إليه بذلك القسيسون والأساقفة؛ لمكان كنيسة كانت في الجانب الغربي منه معظمة عندهم، عمل المسلمون عليها الجامع الأعظم، وسأل أن تنزل امرأته المذكورة بمدينة الزهراء غربي مدينة قرطبة، تنزل بها فتختلف منها إلى الجامع المذكور حتى تكون تلك الولادة بين طيب نسيم الزهراء وفضيلة ذلك الموضع الموصوف من الجامع، وزعم أن الأطباء أشاروا عليه بالولادة في الزهراء كما أشار عليه القسيسون بالجامع، وسفر بذلك بينهما يهودي كان وزيرا لابن فرذلند فتكلم بين يد المعتمد ببعض ما جاء به من عند صاحبه، فأيأسه ابن عباد من جميع ذلك؛ فأغلظ له اليهودي في القول وشافهه بما لم يحتمله، فأخذ ابن عباد محبرة كانت بين يديه فأنزلها على رأس اليهودي فألقى دماغه في حلقه، وأمر به فصلب منكوسا بقرطبة.
واستفتى ابن عباد الفقهاء لما سكت عنه الغضب عن حكم ما فعله باليهودي، فبادره الفقيه محمد بن الطلاع بالرخصة في ذلك؛ لتعدي الرسول حدود الرسالة إلى ما يستوجب له القتل ؛ إذ ليس له أن يفعل ما فعل، وقال للفقهاء حين خرجوا: إنما بادرت بالفتوى؛ خوفا أن يكسل الرجل عما عزم عليه من منابذة العدو، وعسى الله أن يجعل في عزيمته للمسلمين فرجا.
وبلغ ألفنسو ما صنع ابن عباد فأقسم بآلهته ليغزونه بإشبيلية ويحصره في قصره، فجرد جيشين جعل على أحدهما كلبا من مساعير كلابه، وأمره أن يسير على كورة باجة من غرب الأندلس، ويغير على تلك التخوم والجهات ثم يمر على لبلة إلى إشبيلية، وجعل موعده إياه طريانة للاجتماع معه، ثم زحف ابن فرذلند بنفسه في جيش آخر عرمرم، فسلك طريقا غير طريق صاحبه. وكلاهما عاث في بلاد المسلمين وخرب ودمر، حتى اجتمعا لموعدهما بضفة النهر الأعظم قبالة قصر ابن عباد، وفي أيام مقامه هناك كتب إلى ابن عباد زاريا عليه: «كثر بطول مقامي في مجلس الذبان، واشتد علي الحر، فألقني من قصرك بمروحة أروح بها على نفسي وأطرد بها الذباب عني» فوقع له ابن عباد بخط يده في ظهر الرقعة: «قرأت كتابك وفهمت خيلاءك وإعجابك، وسأنظر لك في مراوح من الجلود اللمطية في أيدي الجيوش المرابطية تروح منك لا تروح عليك إن شاء الله.» فلما ترجم لابن فرذلند توقيع ابن عباد في الجواب، أطرق إطراق من لم يخطر له ذلك ببال.
وفشا في بلاد الأندلس خبر توقيع ابن عباد وما أظهر من العزيمة على إجازة الصحراويين والاستظهار بهم على ابن فرذلند، فاستبشر الناس وفتحت لهم أبواب الآمال، وانفرد ابن عباد بتدبير ما عزم عليه من مداخلة يوسف بن تاشفين، ورأت ملوك الطوائف بالأندلس ما عزم عليه من ذلك؛ فمنهم من كتب إليه، ومنهم من شافهه، كلهم يحذره سوء عاقبة ذلك وقالوا له: الملك عقيم، والسيفان لا يجتمعان في غمد واحد. فأجابهم ابن عباد بكلمته السائرة مثلا: رعي الجمال خير من رعي الخنازير. أي أن كونه مأكولا لابن تاشفين أسيرا يرعى جماله في الصحراء، خير من كونه ممزقا لابن فرذلند أسيرا يرعى خنازيره في قشتالة، وكان مشهورا برزانة الاعتقاد، وقال لعذاله ولوامه: يا قوم، أنا من أمري على حالتين: حالة يقين، وحالة شك، ولا بد لي من أحدهما، أما حالة الشك فإني إن استندت إلى ابن تاشفين أو إلى ابن فرذلند ففي الممكن أن يفيا لي ويبقيا علي، ويمكن ألا يفعلا فهذه حالة الشك، وأما حالة اليقين فهي أني إن استندت إلى ابن تاشفين فأنا أرضي الله، وإن استندت إلى ابن فرذلند أسخطت الله، فإذا كانت حالة الشك فيها عارضة فلأي شيء أدع ما يرضي الله وآتي ما يسخطه؟! وحينئذ أقصر أصحابه عن لومه.
فلما عزم خاطب جاريه: المتوكل عمر بن محمد صاحب بطليوس، وعبد الله بن حبوس بن ماكسن الصنهاجي صاحب غرناطة يأمرهما أن يبعث إليه كل واحد منهما قاضي حضرته؛ ففعلا، ثم استحضر قاضي الجماعة بقرطبة أبا بكر عبيد الله بن أدهم وكان أعقل أهل زمانه، فلما اجتمع القضاة عنده بإشبيلية أضاف إليهم وزيره أبا بكر بن زيدون وعرفهم أربعتهم أنهم رسله إلى يوسف بن تاشفين، وأسند إلى القضاة ما يليق بهم من وعظ يوسف وترغيبه في الجهاد، وأسند إلى ابن زيدون ما لا بد منه في تلك السفارة من إبرام العقود السلطانية.
4
وكان يوسف بن تاشفين لا تزال تفد عليه وفود ثغور الأندلس مستعطفين مجهشين بالبكاء، ناشدين الله والإسلام، مستنجدين بفقهاء حضرته ووزراء دولته، فيستمع إليهم ويصغي لقولهم وترق نفسه لهم، فما عبرت رسل ابن عباد البحر إلا ورسل يوسف بالمرصاد وقد آذن صاحب سبتة بقصده الغزو وتشوقه إلى نصرة أهل الإسلام بالأندلس، وسأله أن يخلي الجيوش تجوز في المجاز، فتعذر عليه، فشكاه يوسف إلى الفقهاء فأفتوا أجمعين بما لا يسر صاحب سبتة.
ولما انتهت الرسل إلى ابن تاشفين أقبل عليهم، وأكرم مثواهم، وجددوا الفتوى في حق صاحب سبتة، واتصل ذلك بابن عباد فوجه من إشبيلية أسطولا نحو صاحب سبتة فانتظمت في سلك يوسف، ثم جرت بينه وبين الرسل مراوضات ثم انصرفت إلى مرسلها.
ثم عبر يوسف البحر عبورا هنيئا حتى أتى الجزيرة الخضراء ففتحوا له وخرج إليه أهلها بما عندهم من الأقوات والضيافات، وجعلوا سماطا أقاموا فيه سوقا جلبوا عليه من عندهم من سائر المرافق، وأذنوا للغزاة في دخول البلد والتصرف فيها، فامتلأت المساجد والرحبات بضعفاء المتطوعين وتواصوا بهم خيرا.
অজানা পৃষ্ঠা