إلى: يتصل بقوله: مرتمياتٍ والإيراد: أراد به إورادها وهو الإتيان بالمواشي إلى الماء، والإصدار: صرفها عنه بعد الري. وقوله: أنهلها: من النهل، وهو في اللغة: الشربة الأولى، وروى موردها وهو مصدر ورد، ويجوز أن يكون مكان الورود وهو جسم المطعون، وهو رفع على أنه فاعل أنهلها.
يقول: رمت بنا هذه المفاوز إلى فتىً يسقى رماحه من دم قلب عدوه، ويصدرها عنه وقد رويت من الدم. والهاء في أنهلها للرماح، وخص القلوب لأنها أولى المقاتل.
له أيادٍ إلي سابقةٌ ... أعد منها ولا أعددها
وروى: سابقةٌ وسابغةٌ أي تامة. والأيادي: النعم.
يقول: إن له علينا نعمًا سابقة، لا أقدر أن أحصيها من كثرتها، غير أني أعد من تلك النعم، وأوجد منها، يشير إلى أنه خلصه من يد عدو له، أو أنه جنى عليه بما يستحق القتل، فوهب له نفسه، ومثله:
لا تنتفنى بعدما رشتني ... فإنني بعض أياديكا
وروى أعد منها يعني: أعد بعض هذه النعم، وأما جميعها فلا أقدر أن أحصيها لكثرتها، لأن من للتبعيض.
يعطى فلا مطله يكدرها ... بها ولا منه ينكدها
الهاء في بها وفي يكدرها وفي ينكدها: للأيادي. وتقدير البيت: يعطى فلا مطله به لأن المطل يتعدى بالباء، وينكدها.
يقول: يعطى من دون مطلٍ بما يعطيه، ولا مدافعة ينكد بها، ولا يمن به إذا أعطى، فكأنه قال: له أياد لا يكدرها مطلٌ ولا ينكدها منٌّ فكأنه أخذه من قوله تعالى: " يأيها الذين آمنوا لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى " ومثله للحكمى:
فما في جوده منٌّ ... ولا في بذله خسرُ
خير قريشٍ أبًا وأمجدها ... أكثرها نائلًا وأجودها
المجد: الشرف، والهاءات: للقبيلة، التي هي قريش؛ وأبًا ونائلًا: منصوب للتمييز، وكان هذا الممدوح علويًا، وليس في قريش خير من بني هاشم خيرٌ من العلوية؛ فلهذا قال: خير قريش أبًا، ففضله في نفسه، ثم في مجده، ثم في سخائه.
وقريش: اسم لمن ولده النضر بن كنانة، وقيل لمن ولده فهر بن مالك؛ والأصح هو الأول.
أطغنها بالقناة أضربها ... بالسيف، جحجاحها مسودها
الجحجاح: السيد الممتلىء كرمًا، والمسود: هو الذي اتفق الناس على سيادته. فقيل: هو المخاطب بالسؤدد، وذلك عن أجداده، وهذا أبلغ في الجلالة، وإنما قيد الطعن بالقناة، والضرب بالسيف؛ إما تأكيدًا كقولك: رأيت بعيني، وإما لأن الطعن قد يكون بغير القناة من اللسان وغيره، كذلك قد يكون بغير السيف، كالخشب ونحوه، وليس في ذلك مدح. فرفع الإشكال بالتقييد، والجحجاح والمسود يعني: السيد المسود.
أفرسها فارسًا وأطولها ... باعًا ومغوارها وسيدها
فارسًا: نصب على الحال.
يقول: إن هذا الممدوح أفرس قريش، في حال كونه راكبًا للفرس، فدل به علىأنه إنما يركب الفرس في بعض الأحوال، إذ ركوبه في جميع الأحوال من عادات الرائضين، وقيل: إنه نصب على التمييز.
والمعنى أنه أفرس من سائر فرسان قريش، كقولك: هو أجود قريش جوادًا، وقيل: إنه أراد به: أفرسها فروسيةً. أي فراسة، ويكون أيضًا نصب على التمييز، وقوله: أطولها باعًا. كناية عن مد يديه بالعطاء، أو يكون كناية عن نيله كل ما يريد بفضل قوته وقدرته، والمغوار: كثير الغارة
تاج لؤي بن غالبٍ وبه ... سما لها فرعها ومحتدها
لؤي بن غالب: اسم جد النبي ﷺ وهو أبو قريش، وأراد به: القبيلة، والمحتد: الأصل الكريم، وأراد بالمحتد هاهنا: السلف، وبالفرع: الخلف منهم.
يقول: إنه تاجهم وغرتهم، وإن علوهم به، خلفًا وسلفًا، لانتسابهم إليه.
شمس ضحاها هلال ليلتها ... در تقاصيرها زبرجدها
الضحا: ارتفاع النهار، والتقاصير: جمع التقصار وهي القلادة القصيرة.
1 / 5