মিরকাত মাফাতিহ শরহ মিশকাত আল-মাসাবিহ
مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح
প্রকাশক
دار الفكر
সংস্করণের সংখ্যা
الأولى
প্রকাশনার বছর
١٤٢٢هـ - ٢٠٠٢م
প্রকাশনার স্থান
بيروت - لبنان
اسْتِثْنَاءٌ مُفَرَّغٌ أَيْ لَا يَكُونُ لَهُ حَالٌ مِنَ الْأَحْوَالِ إِلَّا حَالَ اسْتِحْقَاقِ دُخُولِ الْجَنَّةِ، فَفِيهِ بِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ عَاقِبَتَهُ دُخُولُ الْجَنَّةِ، وَإِنْ كَانَ لَهُ ذُنُوبٌ جَمَّةٌ، لَكِنَّ أَمْرَهُ إِلَى اللَّهِ إِنْ شَاءَ عَفَا عَنْهُ وَأَدْخَلَهُ الْجَنَّةَ، وَإِنْ شَاءَ عَذَّبَهُ بِقَدْرِ ذَنْبِهِ، ثُمَّ أَدْخَلَهُ الْجَنَّةَ (قُلْتُ: وَإِنْ زَنَى) قَالَ ابْنُ مَالِكٍ: حَرْفُ الِاسْتِفْهَامِ فِي قَوْلِهِ: وَإِنْ زَنَى مُقَدَّرٌ، وَلَا بُدَّ مِنْ تَقْدِيرِهِ أَيْ أَيُدْخِلُ الْجَنَّةَ، وَإِنْ زَنَى (وَإِنْ سَرَقَ؟) أَوِ التَّقْدِيرُ: أَوْ إِنْ زَنَى، وَإِنْ سَرَقَ دَخَلَ، وَتُسَمَّى هَذِهِ الْوَاوُ وَاوَ الْمُبَالَغَةِ، وَ" إِنْ " بَعْدَهَا تُسَمَّى وَصْلِيَّةً، وَجَزَاؤُهَا مَحْذُوفٌ لِدَلَالَةِ مَا قَبْلَهَا عَلَيْهِ (قَالَ: وَإِنْ زَنَى وَإِنْ سَرَقَ؟) وَتَخْصِيصُهُمَا لِأَنَّ الذَّنْبَ إِمَّا حَقُّ اللَّهِ وَهُوَ الزِّنَا، أَوْ حَقُّ الْعِبَادِ وَهُوَ أَخْذُ مَالِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ، وَفِي ذِكْرِهَا مَعْنَى الِاسْتِيعَابِ كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيهَا بُكْرَةً وَعَشِيًّا﴾ [مريم: ٦٢] أَيْ دَائِمًا («قُلْتُ: وَإِنْ زَنَى وَإِنْ سَرَقَ؟ قَالَ: وَإِنْ زَنَى وَإِنْ سَرَقَ») أَمَّا تَكْرِيرُ أَبِي ذَرٍّ فَلِاسْتِعْظَامِ شَأْنِ دُخُولِ الْجَنَّةِ مَعَ مُبَاشَرَةِ الْكَبَائِرِ، وَقِيلَ لِظَنِّهِ أَنَّهُ لَوْ كَرَّرَ لَأَجَابَهُ بِجَوَابٍ آخَرَ فَيَجِدُ فَائِدَةً أُخْرَى، وَأَمَّا تَكْرِيرُ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَإِنْكَارٌ لِاسْتِعْظَامِهِ، أَيْ: أَتَبْخَلُ بِرَحْمَةِ اللَّهِ؟ فَرَحْمَةُ اللَّهِ وَاسِعَةٌ عَلَى خَلْقِهِ وَإِنْ كَرِهْتَ ذَلِكَ. (قُلْتُ: وَإِنْ زَنَى وَإِنْ سَرَقَ؟) قَالَ: (وَإِنْ زَنَى وَإِنْ سَرَقَ) فِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ أَهْلَ الْكَبَائِرِ لَا يُسْلَبُ عَنْهُمُ اسْمُ الْإِيمَانِ، فَإِنَّ مَنْ لَيْسَ بِمُؤْمِنٍ لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ وِفَاقًا، وَعَلَى أَنَّهَا لَا تُحْبِطُ الطَّاعَاتِ لِتَعْمِيمِهِ ﵊ الْحُكْمَ وَعَدَمِ تَفْصِيلِهِ (عَلَى رَغْمِ أَنْفِ أَبِي ذَرٍّ) الرَّغْمُ بِالْفَتْحِ أَشْهَرُ مِنَ الضَّمِّ، وَحُكِيَ الْكَسْرُ أَيِ الْكُرْهُ، فَفَرِحَ بِذَلِكَ أَبُو ذَرٍّ (وَكَانَ أَبُو ذَرٍّ إِذَا حَدَّثَ) أَيْ هَذَا كَمَا فِي نُسْخَةٍ صَحِيحَةٍ (قَالَ) تُفَاخُرًا: (وَإِنْ رَغِمَ) بِكَسْرِ الْغَيْنِ، وَقِيلَ بِالضَّمِّ وَالْفَتْحِ (أَنْفُ أَبِي ذَرٍّ) أَيْ لُصِقَ بِالرَّغَامِ - بِالْفَتْحِ - وَهُوَ التُّرَابُ، وَيُسْتَعْمَلُ مَجَازًا بِمَعْنَى كَرِهَ، أَوْ دَلَّ إِطْلَاقًا لِاسْمِ السَّبَبِ عَلَى الْمُسَبَّبِ. (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) .
٢٧ - وَعَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: " «مَنْ شَهِدَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَأَنَّ عِيسَى عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ، وَابْنُ أَمَتِهِ، وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ، وَالْجَنَّةُ وَالنَّارُ حَقٌّ - أَدْخَلَهُ اللَّهُ الْجَنَّةَ عَلَى مَا كَانَ مِنَ الْعَمَلِ» " مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
ــ
٢٧ - (وَعَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ) مَرَّ ذِكْرُهُ (قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ مَنْ شَهِدَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ) حَالٌ، أَيْ يَنْفَرِدُ مُنْفَرِدًا (لَا شَرِيكَ لَهُ): تَأْكِيدٌ بَعْدَ تَأْكِيدٍ (وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ) الْأَجَلُّ (وَرَسُولُهُ) الْأَكْمَلُ (وَأَنَّ عِيسَى عَبْدُ اللَّهِ): لَمْ يُضْمِرْ لِيَكُونَ أَصْرَحَ فِي الْمَقْصُودِ، وَهُوَ تَعْرِيضٌ بِالنَّصَارَى وَتَقْرِيرٌ لِعَبْدِيَّتِهِ وَإِشْعَارٌ إِلَى إِبْطَالِ مَا يَقُولُونَ بِهِ مِنِ اتِّخَاذِ أُمِّهِ صَاحِبَةً (وَرَسُولُهُ) تَعْرِيضٌ بِالْيَهُودِ (وَابْنُ أَمَتِهِ): كَذَا فِي نُسْخَةٍ صَحِيحَةٍ، وَالْإِضَافَةُ فِي أَمَتِهِ لِلتَّشْرِيفِ رَدًّا عَلَى الْيَهُودِ فِي الْقَذْفِ (وَكَلِمَتُهُ): سُمِّيَ عِيسَى بِالْكَلِمَةِ لِأَنَّهُ حُجَّةُ اللَّهِ عَلَى عِبَادِهِ، أَبْدَعَهُ مِنْ غَيْرِ أَبٍّ، وَأَنْطَقَهُ فِي غَيْرِ أَوَانِهِ، فَالْإِضَافَةُ لِلتَّشْرِيفِ، وَقِيلَ: لِكَوْنِهِ مُوجَدًا بِـ " كُنْ "، وَقِيلَ: لَمَّا انْتَفَعَ بِكَلَامِهِ سُمِّيَ بِهِ، كَمَا يُقَالُ: فُلَانٌ سَيْفُ اللَّهِ وَأَسَدُ اللَّهِ، وَقِيلَ: لَمَّا خَصَّهُ بِهِ فِي صِغَرِهِ حَيْثُ قَالَ: إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ (أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ): اسْتِئْنَافُ بَيَانٍ أَيْ أَوْصَلَهَا اللَّهُ تَعَالَى إِلَيْهَا، وَحَصَّلَهَا فِيهَا (وَرُوحٌ مِنْهُ) أَيْ مُبْتَدَأٌ مِنْ مَحْضِ إِرَادَتِهِ، فَإِنَّ سَائِرَ الْأَرْوَاحِ الْبَشَرِيَّةِ هِيَ كَالْمُتَوَلِّدَةِ عَنْ أَرْوَاحِ آبَائِهِمْ، لَاسِيَّمَا عَلَى مَذْهَبِ مَنْ زَعَمَ أَنَّ الْأَرْوَاحَ أَجْسَامٌ سَارِيَةٌ فِي الْبَدَنِ سَرَيَانَ مَاءِ الْوَرْدِ، قِيلَ: سُمِّيَ بِالرُّوحِ لِمَا كَانَ لَهُ مِنْ إِحْيَاءِ الْمَوْتَى بِإِذْنِ اللَّهِ، فَكَّانِ كَالرُّوحِ، أَوْ لِأَنَّهُ ذُو رُوحٍ وَجَسَدٍ مِنْ غَيْرِ جُزْءٍ مِنْ ذِي رُوحٍ كَالنُّطْفَةِ الْمُنْفَصِلَةِ عَلَى حَيٍّ، وَإِنَّمَا اخْتُرِعَ اخْتِرَاعًا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ تَعَالَى، أَوْ لِأَنَّهُ أَحْدَثَ فِي نَفْخِ الرُّوحِ لِإِرْسَالِهِ جِبْرِيلَ إِلَى أُمِّهِ، فَنَفَخَ فِي دِرْعِهَا مَشْقُوقًا إِلَى قُدَّامِهَا فَوَصَلَ النَّفْخُ إِلَيْهَا، فَحَمَلَتْ بِهِ مُقَدَّسًا عَنْ لَوْثِ النُّطْفَةِ وَالتَّقَلُّبِ فِي أَطْوَارِ الْخِلْقَةِ مِنَ الْعَلَقَةِ وَالْمُضْغَةِ، وَوَصَفَهُ بِقَوْلِهِ: " مِنْهُ " إِشَارَةً إِلَى أَنَّهُ مُقَرَّبُهُ وَحَبِيبُهُ، تَعْرِيضًا بِالْيَهُودِ.
1 / 100